“اللوبي الحوثي داخل الشرعية اليمنية: الولاء الطائفي وأثره على معركة استعادة الدولة”..
تمر اليمن منذ سنوات بأزمة عميقة أدت إلى انهيار النسيج السياسي والاجتماعي، وانبثق عن هذا الوضع المعقد دور غير طبيعي للشرعية اليمنية التي يُفترض أن تكون حجر الأساس في مواجهة انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة. غير أن واقع الحال يكشف عن خلل جوهري في بنية الشرعية، يتمثل في تغلغل لوبي طائفي زيدي هاشمي موالٍ للحوثيين، ما أضعف قدرتها على التصدي لمليشيات الحوثي وأضر بمصالح المواطن والوطن...
يرى كثير من المراقبين أن فئة معينة داخل الشرعية اليمنية، تنتمي إلى الهاشميين، تتشارك مع الحوثيين في الانتماء المذهبي والعقائدي، ما جعل ولاءها الحقيقي يميل نحو الحوثيين بدلاً من العمل لصالح الوطن. ويتجلى هذا الولاء في غياب الإرادة الحقيقية لمواجهة الحوثيين على الأرض، رغم استمرار الأخيرين في شن الهجمات المتكررة على مواقع الشرعية، مخلّفين وراءهم خسائر بشرية ومادية فادحة. هذا الولاء الطائفي يعكس أولوية المصالح الفئوية الضيقة على حساب المصلحة العامة...
فعوضًا عن أن تكون الشرعية اليمنية إطارًا جامعًا لكل القوى المناهضة للحوثيين، أصبحت مسرحًا لصراعات داخلية وتنافس بين الفصائل المختلفة، الأمر الذي استفاد منه الحوثيون لتعزيز سيطرتهم وتوسيع نفوذهم. على الرغم من التصعيد المستمر من قبل الحوثيين، والذي يشمل هجمات عسكرية وصاروخية على المدن والمناطق التابعة للشرعية، فإن رد الفعل من الحكومة الشرعية يكاد يكون معدومًا...
هذه السلبية تثير تساؤلات حول أسباب عدم اتخاذ موقف حاسم ضد الحوثيين، رغم ما تملكه الشرعية من دعم دولي وإقليمي، ورغم التكلفة الباهظة التي يدفعها الشعب اليمني جراء هذه الحرب. يُرجع البعض هذا الضعف إلى تغلغل لوبي الحوثيين داخل مؤسسات الشرعية، حيث يتولى هؤلاء الهاشميون مواقع حساسة في صنع القرار، ويعملون على تعطيل أي تحرك فعّال قد يهدد مصالح الحوثيين أو يقوض وجودهم...
وقد أدى ذلك إلى غياب أي استراتيجية شاملة لمواجهة الحوثيين على المستويات السياسية والعسكرية والإعلامية، ما منح الحوثيين مساحة واسعة للتحرك والتوسع. أدى هذا الاختراق إلى نتائج كارثية، أبرزها استمرار تمدد الحوثيين على الأرض...
ففي الوقت الذي تتراجع فيه الشرعية وتفقد مناطق جديدة لصالح الحوثيين، يزداد الوضع الإنساني سوءًا، وتغرق البلاد أكثر في أتون الصراع. كما أن غياب رد حاسم من قبل الشرعية يرسل رسالة سلبية للمجتمع اليمني وللأطراف الإقليمية والدولية الداعمة لها، مفادها أن الشرعية غير قادرة على تحمل مسؤولياتها في مواجهة الحوثيين. إن استمرار هذا الوضع يتطلب إعادة النظر جذريًا في بنية الشرعية اليمنية. يجب تنظيف مؤسسات الشرعية من أي عناصر تُظهر ولاءً طائفيًا أو عقائديًا للحوثيين، وتعزيز دور القوى الوطنية القادرة على مواجهة الانقلاب الحوثي. كما أن هناك حاجة ماسة لوضع استراتيجية شاملة للمواجهة على كافة الأصعدة، واستغلال الدعم الدولي والإقليمي بشكل أكثر فعالية لتحقيق أهداف الشعب اليمني في استعادة دولته ووضع حد للنفوذ الحوثي...
إن الشرعية اليمنية، في وضعها الحالي، تواجه أزمة وجودية تهدد ليس فقط قدرتها على استعادة الدولة، بل أيضًا شرعيتها في نظر الشعب اليمني والمجتمع الدولي. إن التغاضي عن تغلغل اللوبي الحوثي داخل مؤسسات الشرعية هو خيانة لتطلعات اليمنيين في التحرر من هيمنة الحوثيين وبناء دولة مدنية ديمقراطية. تحقيق ذلك يتطلب إرادة سياسية حقيقية لإجراء إصلاح جذري، ووضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار طائفي أو فئوي...