“ القضية التهامية: نضال ضد الإقصاء والتهميش الممنهج ومعاناة مستمرة في ظل غياب الحلول ”..
لطالما عانت منطقة تهامة في اليمن، من التهميش والإقصاء السياسي والاقتصادي والاجتماعي على مدى عقود طويلة. هذه المنطقة التي تعد من أهم المناطق الزراعية والساحلية في اليمن، حُرمت من نصيبها العادل في التنمية والخدمات، ما جعل سكانها يعيشون في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية قاسية..
ومع تصاعد النزاع في اليمن وسيطرة الميليشيات الحوثية على أجزاء واسعة من البلاد، ازدادت معاناة أهالي تهامة بشكل غير مسبوق، مما يجعل الحاجة إلى تدخل دولي لإنقاذهم أمراً ملحاً. تُعد تهامة من أكثر المناطق ثراءً بالموارد الطبيعية والبشرية فهي سلة غذاء اليمن، إذ تمتلك سواحل طويلة على البحر الأحمر وأراضٍ زراعية خصبة. ومع ذلك، عانت تهامة من تهميش ممنهج من قبل الحكومات اليمنية المتعاقبة منذ عقود...
هذا التهميش اتخذ أشكالاً عدة، من بينها الاقتصادي من خلال افتقار المنطقة للاستثمارات التنموية والبنية التحتية الأساسية مثل الطرق والمدارس والمستشفيات، رغم إمكاناتها الاقتصادية الكبيرة. وكذلك السياسي من خلال غياب تمثيل عادل لأبناء تهامة في المناصب القيادية ومراكز صنع القرار. وأيضاً الاجتماعي من خلال انتشار الفقر والبطالة على نطاق واسع، وتدهور الوضع المعيشي لمعظم السكان، مما جعلهم عرضة للاستغلال والتهميش..
ومع دخول الحوثيين إلى تهامة والسيطرة على مدينة الحديدة وتهامة عموماً، زادت الأوضاع سوءاً. فرضت الميليشيات إجراءات قمعية بحق سكان المنطقة، تمثلت في نهب الموارد الزراعية والبحرية عن طريق استغلال الثروات المحلية لصالح مجهودهم الحربي. وأيضاً الاضطهاد والقمع عن طريق ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري..
وكذلك الأوضاع الإنسانية المتردية حيث تفاقمت المجاعة وسوء التغذية بسبب تعطيل حركة التجارة والمساعدات الإنسانية عبر ميناء الحديدة حيث أصبح ميناء الحديدة مركزاً رئيسياً لإنطلاق العمليات العسكرية الارهابية في البحر الأحمر وخليج عدن. في ظل غياب أي بوادر حقيقية من الحكومة اليمنية لمعالجة الوضع في تهامة، فإن تدخل المجتمع الدولي بات ضرورة ملحة. ينبغي أن يتخذ هذا التدخل عدة أبعاد منها الضغط السياسي من خلال ممارسة ضغط دولي على الأطراف المتصارعة، وخاصة الحوثيين، لوقف الانتهاكات وفتح ممرات إنسانية. وأيضاً الدعم الإنساني عن طريق تكثيف المساعدات الإنسانية لسكان تهامة، مع ضمان وصولها مباشرة للمحتاجين دون عرقلة...
وكذلك مشاريع تنموية من خلال دعم مشاريع تنموية تهدف إلى تحسين البنية التحتية وخلق فرص عمل لأبناء المنطقة. وأيضاً إعادة الاعتبار السياسي وتمكين أبناء تهامة من تمثيل عادل في صنع القرار السياسي على المستوى الوطني. ختاماً القضية التهامية ليست مجرد قضية محلية، بل تمثل صرخة ضد الظلم والتهميش الممنهج الذي يعاني منه جزء كبير من الشعب اليمني...
ومع استمرار النزاع وتفاقم الأوضاع الإنسانية، أصبح من الضروري أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته تجاه هذه القضية. لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار في اليمن دون إنهاء التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي لأبناء تهامة وضمان حصولهم على حقوقهم العادلة في وطنهم..