سباق القائد و الامراء : لماذا يظهر شلال شائع في هذا التوقيت؟
منبر الأخبار
كتب الزميل/ حسام ردمان
لم يكن اللواء شلال شائع ، من طينة المسؤولين الامنين الذين يتوارون عن المشهد بمجرد ان يتنحوا عن منصبهم. صحيح ان الرجل لم يبدي اي ممانعة حين تقرر اعفاؤه من موقعه كمدير لامن العاصمة عدن ، وقد تخلى بسهوله عن دوره كموظف رسمي للدولة ، لكنه لم يستطع ان يتخلص من قدره كقائد موثر.
ولاكثر من عامين حاول شلال السكون في منزل ابيه بالتواهي.. لكن رصيده النضالي في صفوف الحراك الجنوبي و دوره الرائد في مقاومة الحوثيين اولا ثم في مكافحة الارهاب ثانيا ، جعله عاجزا عن التواري في بيته بهدوء.
وظل منزله قبلة يومية للزائرين اما بدافع التقدير الشخصي او بدافع الحماسة للقائد . وكان شلال يستقبل زائريه وهو قليل الكلام على غير عادته ، واذا ما احتد النقاش فانه يرد بعبارة واحد :
"انا ما ادورش على اي دور سياسي او منصب سلطوي، لكني باحاضر من دون تردد لمحاربة الارهاب كمسؤلية اخلاقية وطنيه ، سواء كنت في منصب رسمي او من موقعي كمواطن بسيط في عدن".
عباره شلال السابقة شرحت باجياز اسباب احجامه عن الظهور طيلة الفترة الماضية، كما انها تشرح اسباب حضوره القوي - والذي كان مفاجئا للكثيرين- يوم امس الاول ، حينما ترأس عرضا عسكريا واسعا لقوات مكافحة الارهاب في عدن.
لقد ذهبت التفسيرات الى القول بان شلال يريد ان يبعث برساله الى التحالف العربي ومجلس القيادة الرئاسي عن اهميه دوره ، وقد يكون في ذلك نوعا من الصحة، غير ان الدافع الاساسي وراء تحرك شلال يكمن في تطورات الساحة الجهادية 'محليا واقليميا، والتي شهدت ثلاث متغيرات حاسمة خلال العام الجاري.
فخلال الشهر الماضي عقد امير القاعدة في اليمن خالد باطرفي اجتماعا موسعا مع قيادات التنظيم واطلعهم على سياسته العسكرية الجديدة والتي تسعى الى رفع وتيرة العمل المسلح في محافظات ابين وشبوة وعدن وحضرموت من خلال العمليات الانتحارية او العبوات الناسفة . وكي يضمن باطرفي تنفيذ سياسته الجديدة فقد امر بتشكيل لجنة للتحشيد والتعبئة بقيادة ابو الهيجاء الحديدي (امير ولايات ابين وشبوه وعدن)وابو علي الحضرمي (المسؤل الشرعي) ، وقد بدات اللجنه على الفور بتنفيذ مهامها.
اما المتغير الثاني فكان امتثال باطرفي في سياسته الجديدة لتوجيهات القيادي المصري سيف العدل ، والمقيم في ايران. وقد بات سيف العدل هو القائد الفعلي لتنظيم القاعدة بعد مقتل الظواهري وذلك وفق تصريحات الامم المتحدة والخارجية الامريكية في فبراير الجاري. وما لا يعرفه كثيرون هو ان سيف العدل قد كان المتحكم الفعلي بفرع القاعدة في اليمن منذ العام ٢٠١٩ (و سوف نتفرغ لشرح ملابسات وتفاصيل نفوذ سيف العدل في اليمن في مناسبة قادمه ، وتوضيح علاقة ذلك بالتعاون المتبادل بين الحوثين وتنظيم القاعدة الذي تنامى خلال الاعوام الاخيرة).
اما المتغير الثالث فكان ظهور القيادي الثاني في التنظيم سعد بن عاطف العولقي منتصف فبراير في تسجيل مرئي يحرض فيه مؤيديه على الحشد والقتال في شبوه وابين . وكان الخلاف الحاد بين العولقي وباطرفي هو احد الاسباب التي اسهمت في اضعاف فاعلية القاعدة ، غير ان تسويه الخلافات بين الرجلين واتفاقهم على السياسة العسكرية الجديده التي صاغها سيف العدل والتي تصب في صالح الحوثيين؛ كل ذلك مثل ناقوس خطر كبير اجبر شلال على الخروج عن صمته والى استعراض قوة اجهزة مكافحة الارهاب في عدن والتلميح باهمية دورها وضرورة دعمها في المستقبل القريب.
لقد كان ازاحة اللواء شايع عن منصبه بعد اتفاق الرياض ١ ؛ خطأ استراتيجي استفادت منه الجماعات الارهابية بشقيها السني(القاعدة) والشيعي(الحوثي) ، وقد اسفر ذلك عن سلسلة اغتيالات طالت اهم الشخصيات القيادية في عدن ولحج خلال العامين الماضيين مثل محافظ عدن لملس و كذلك قائد مقاومة البيضاء و اللواء جواس ، ومدير امن لحج صالح السيد.
واليوم فان عدم عودة شلال للاضطلاع بدور اكبر في مكافحة الارهاب سيشكل خطيئة استراتجية يقترفها مجلس القيادة الرئاسي ، ولا يكفي ان يقوم الرجل بمهامه انطلاقا من واجبه الاخلاقي كمواطن ، كما لا يجب ان يقتصر دور شلال المستقبلي على محافظة عدن فقط ؛ بل يجب منحه مهام اوسع عملياتيا واستخباراتيًا في عموم المحافظات المحررة ، وذلك من خلال التوجيه بتشكيل جهاز سيادي لمهام مكافحة الارهاب يتبع مباشرة رئاسة الجمهورية . والى حين ذلك يجب الاسراع الى تاسيس خلية عمل مشتركه تجمع اللواء شلال مع جهازي الامن القومي والسياسي و مندوبين استخباراتين من دول التحالف العربي لضبط البيئة الامنية في ظل التحديات التي تفرضها تطورات الحركات الجهادية في الاقليم واليمن.