شوكة الإبداع

شوكة الإبداع

منبر الأخبار

بقلم/نشوان العثماني 

منذ البداية، شكل فارع المسلمي وماجد المذحجي ثنائية عظيمة. ومع رفاقهم ورفيقاتهم في المركز، أبحرت السفينة إلى ضفة الـ ما بعد ثالثة. وظل مركز صنعاء يمضي قُدمًا على هذا النحو من تقديم الفارق المعرفي وتراكم الخبرة في شتى الاتجاهات.

وها هي - هذه القيادة المفعمة بروح التطلع - تقدم هذه المرة جديدًا لافتًا وغير مسبوق بأن يتجدد منصب الرجل الأول، وأن يكون هناك "رئيس سابق"، عند هذا المستوى من الرمزية الملهمة.

ليس بجديد من حيث الجوهر، فـ ماجد المذحجي كان منذ الانطلاقة عمودًا مهمًا من مداميك هذا البناء والذي سيحظى به المركز وطاقمه بكفاءة مضاعفة أكثر للقادم وهو صاحب التأثير الفاعل منذ سنوات، غير أننا الآن بصدد قراءة سلوك جديد، فحواه أن لا يجلس هذا الرجل الأول في منصبه إلى ما لا نهاية. ومن ذلك، تناغم وتفاهم هذان الرفيقان الـ يُشار لهما بالبنان، وقدما لنا الأنموذج، وبانتماء حقيقي للفكرة.

لفريق المركز الجديد بقيادة ماجد، وياسمين وأسامة ونهى ووليد، ومعهم الباحثين المهمين وهم كثر (إذا ما ذكرنا أبرز ثلاثة منهم: ميساء شجاع الدين وعبدالغني الإرياني وحسام ردمان)، كل التوفيق في مهامهم المنتظرة، وفيما سيجترحونه في ظل هذا المسار الذي لا يملك إلا أن يكون عند هذا المستوى المأمول والمبتكر.

هؤلاء الرفاق الشباب يرسمون أبجدية مختلفة، وينحتون منعطفًا مؤداه الإبداعي الأهم كسر كل التنميطات ورفض كل تعريف مسبق ثنائي التوصيف. فالمسألة تقع خارج هذا الرسم البدائي القديم الذي يجب أن يستيقظ الوعي الجمعي بمغادرته ورفضه.

ومن المهم أن أقتبس هنا ما ذكره فارع في رسالته الأخيرة - التي أضحى بموجبها رئيسًا سابقًا لهذا المركز الذي - "سيواصل ريادته في صياغة المسودة الأولى من التاريخ، ومساءلة الأقوياء"، والمحك هو “توفير منبر لليمنيين لتحديد مستقبلهم بأنفسهم.”

مشهد خلاق بالفعل.

تشكرات كثيرات للرفاق في قيادة المركز وكل عامليه وعاملاته. وليمضِ قدمًا كذلك، معززًا بهيئته الاستشارية الوازنة: المخضرمة جميلة علي رجاء، السفيرة باربرا بودين، الباحثة والخبيرة إليزابيث كيندال (زمالات أكسفورد وهارفارد)، إلى جانب الأستاذ في كلية الشؤون الخارجية بجامعة جورج تاون تيموثي فيربانك.

ولـ الفارعي فارع، صديقنا العزيز، كل التوفيق في مهامه الجديدة والتي سيظل مشغولًا من خلالها بالملف اليمني والمنطقة، إذ ستظل هذه اليمن قدر كل يمني بكل هذا الحب العظيم وسط كل هذه المعاناة الـ تُولّد الإبداع بالضرورة.

وكما كتبت عن صديقي قبل عشر سنوات من الآن "رصاصة فارع في بلد يسيء فهم اليمن"، وكما سأضيف الآن: ليس لإصرار وإبداع هذا الكائن حد، فنباهته الشديدة ستوصله كل مرة إلى مصاف أكبر. ومنذ الآن يصبح وصوله سهلًا إلى ممارسة دوره المأمول من نافذة دولية. ليس لشيء، لكن لتجدد آخر.

وليس من المبالغة بمكان أن يغرد محلل مجموعة الأزمات الدولية لليمن سابقًا "بيتر ساليسبيري" على حسابه في تويتر أن فارع ينظم إلى موجة القادة (كرئيستي وزراء اسكتلندا ونيوزلندا وآخرين) الذين يغادرون وهم في أوج مجدهم وبشروطهم الخاصة!

بالتوفيق دومًا يا رفاق..

سيمضي معكم المجتمع المدني برمته لأفضل. كل مرة هناك هذا الضوء.