لقاءات الرياض… كل الطرق تؤدي إلى الحرب
كتب| محمد عبده النهاري
كل اتفاق بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين بدأ بشعار "السلام هدفنا"، وانتهى بشعار "البندقية لغتنا"! وكأن الأطراف اليمنية في تلك الاتفاقات قد وقعت فقط على فصل جديد من مسلسل العبث اليمني الطويل.
ما تشهده الرياض من حراك كبير هذه الأيام يؤكد حرص المجتمع الدولي على حل الأزمة اليمنية. لكن الوضع ما يزال يكتنفه الغموض حول ماهية الحلول المرتقبة… وهل سيتم الدفع نحو حسم عسكري لإنهاء انقلاب المليشيا الحوثية أم نحو إتمام صفقة خارطة الطريق؟
يُبدي الكثير من اليمنيين اعتقادهم بأن الحل العسكري هو الأجدى والأسرع لهزيمة الحوثيين واستعادة الدولة… لكن في حال تم الدفع بطريق الحل السياسي وتوقيع خارطة الطريق، يبرز إلى الأذهان التساؤل عن مدى نجاح خارطة الطريق في حلحلة الأزمة اليمنية… وعن مدى التزام الحوثيين ببنودها؟ وهل سيكون مصيرها مختلفًا أم مشابهًا لسابقاتها من الاتفاقات؟
نظرًا للتجارب السابقة، ينظر الشارع اليمني إلى أي اتفاق مع الحوثيين كنوع من العبث والتلاعب بمصير اليمن… وتستند هذه النظرة إلى سجل طويل من التعنت والتنصل من قبل المليشيا الحوثية عن كل الاتفاقيات السابقة التي أُبرمت مع الحكومة اليمنية، سواء كانت داخلية أو خارجية برعاية دولية. فقد طالما استغل الحوثيون المفاوضات كفرص للمراوغة ووسيلة لكسب الوقت وتعزيز موقفهم العسكري والسياسي.
ومعظم اليمنيين يدركون أن المفاوضات والاتفاقيات مع الحوثيين لا تعني شيئًا سوى استمرار المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، فمَن تنصل من الاتفاقيات السابقة سيتنصل من أي اتفاقية جديدة. لديهم سجل حافل بنقض الحوثيين للعديد من الاتفاقيات السابقة، فمنذ 2004 وقع الحوثيون أكثر من 44 اتفاقية سلام، بدءًا من الوساطة القبلية لإنهاء أولى جولات الحروب الست في 18 يونيو 2004، مرورًا باتفاقية الدوحة الأولى والثانية، و اتفاقية دماج في 2013، واتفاق السلم والشراكة في سبتمبر 2014، وصولًا إلى اتفاقيات جنيف والسويد والكويت ومسقط…
ومع وجود كل هذه التجارب، يرى الكثير من اليمنيين أن الأولى من عقد اتفاقات عبثية مع جماعة لا تؤمن إلا بالعنف والقتال هو تعزيز قدرات الحكومة اليمنية الشرعية لمواجهة الحوثيين ميدانيًا وسياسيًا، وبدلاً من إضاعة الوقت وإعطاء المليشيا الفرصة تلو الأخرى، ينبغي الدفع نحو الحسم العسكري.
وأخيرًا… سواء تم الدفع نحو حسم عسكري أو نحو اتفاق سلام سياسي، فإن الحكومة اليمنية ودول الجوار، وفي مقدمتها السعودية، ستجد نفسها مجبرة على سلوك طريق الحل العسكري. فإن نهاية أي اتفاق سياسي مع الحوثي معلومة مسبقًا، ولن تؤدي إلا إلى تأجيل مؤقت لجولة حرب جديدة ستكون أكثر دموية وأوسع نطاقًا وأكبر كلفة على اليمنيين أنفسهم وعلى تحالف دعم الشرعية، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية…
"إذ لا بد مما ليس منه بد"