“استغلال الممرات المائية والقضية الفلسطينية: كيف يمول الحوثيون أنشطتهم لخدمة أهداف إقليمية”..
بقلم الكاتب / عبدالجبار سلمان..
تقرير فريق خبراء مجلس الأمن الدولي المعني باليمن يكشف عن تفاصيل مهمة تتعلق بأنشطة الحوثيين الاقتصادية والسياسية، وتحديدًا حول كيفية استفادتهم من الأوضاع السياسية المتوترة في اليمن والمنطقة. من بين هذه الأنشطة، يركز التقرير على فرض الحوثيين رسوم غير قانونية على السفن التجارية التي تمر عبر البحر الأحمر وخليج عدن، حيث يجبرون وكالات الشحن البحري على دفع ما يقرب من 180 مليون دولار شهرياً لضمان عدم تعرض السفن لمضايقات أو تهديدات من قبل الجماعة.يعد البحر الأحمر وخليج عدن من أهم الممرات المائية في العالم،..
إذ تمر منهما معظم التجارة البحرية بين أوروبا وآسيا، بما في ذلك شحنات النفط والسلع الأخرى. ومن خلال السيطرة على أجزاء من الساحل اليمني المطل على هذه الممرات الحيوية.،
استغل الحوثيون هذا الموقع الاستراتيجي لفرض رسوم على السفن المارة. يشير التقرير إلى أن هذه الرسوم لا تعتمد على أي أسس قانونية، وإنما هي شكل من أشكال الابتزاز البحري، وتدر ملايين الدولارات للجماعة شهريًا. يعتبر العديد من المحللين أن الحوثيين هم أحد الأذرع الإقليمية لإيران، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط. .
ومن خلال دعم الحوثيين، تسعى إيران إلى تحقيق عدة أهداف؛ أبرزها استخدام اليمن كقاعدة لتهديد الممرات المائية الاستراتيجية، وإحداث ضغط على خصومها في المنطقة مثل السعودية، وكذلك على المجتمع الدولي. فالحوثيون يتلقون دعمًا عسكريًا ولوجستيًا من إيران، وهذا يجعلهم يتماهون مع سياساتها وأهدافها، حتى لو كانت على حساب الشعب اليمني واستقراره. بينما يدعي الحوثيون دعمهم للقضية الفلسطينية، يظهر التقرير أن هذه الادعاءات تأتي ضمن استراتيجية دعائية تهدف إلى كسب التأييد الشعبي وكسب مشاعر العرب والمسلمين.
إلا أن أفعالهم الفعلية، وخاصة تحصيل الأموال بطرق غير قانونية وتسخيرها لدعم أنشطتهم العسكرية، تكشف أنهم لا يعملون لصالح القضية الفلسطينية بقدر ما يعملون لتحقيق أهدافهم الخاصة وأهداف حلفائهم الإقليميين. إن شعار “دعم فلسطين” يُستخدم كغطاء سياسي، بينما تُصرف الأموال والأرباح لصالح عملياتهم داخل اليمن، ودعم التوسع الإيراني في المنطقة. الرسوم غير القانونية التي يفرضها الحوثيون تُمثل مصدر دخل مهم للجماعة، والتي تستخدمه في تمويل عملياتها العسكرية وشراء الأسلحة..
هذا التدفق المالي يسمح للحوثيين بمواصلة الصراع، وهو ما يساهم في تعقيد الحلول السياسية للأزمة اليمنية. فعندما تتوفر لهم موارد مستدامة، يصبح لديهم الدافع للاستمرار في الحرب، مما يعمق من معاناة الشعب اليمني ويزيد من حالة الفقر والدمار. إضافةً إلى تأثير هذه الأنشطة على اليمن، يشكل تحكم الحوثيين في الممرات المائية الاستراتيجية تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي. فالملاحة البحرية العالمية، وخاصة تجارة النفط، تتأثر مباشرة بأي اضطرابات في هذه المنطقة،..
حيث يمكن أن تؤدي عمليات الحوثيين إلى تهديد أمن الطاقة العالمي. علاوة على ذلك، قد يؤدي استخدام الحوثيين للممرات المائية كوسيلة للابتزاز إلى زيادة تكلفة التأمين على السفن وارتفاع تكاليف الشحن البحري، ما يؤثر على الاقتصاد العالمي. بناءً على التقرير، يبدو أن مليشيا الحوثيين تستخدم الشعارات الرنانة والدعاية السياسية لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية ضيقة، بما يتماشى مع الأجندة الإيرانية في المنطقة...
إن ادعاءهم بدعم القضية الفلسطينية يأتي ضمن استراتيجية لخلق غطاء سياسي لأنشطتهم، بينما الحقيقة تظهر أن الأموال التي يجمعونها تُستخدم لاستمرار النزاع في اليمن وتعزيز نفوذهم وسيطرتهم على الأراضي. يخلص التقرير إلى أن الحوثيين ليسوا سوى أدوات ضمن سياسات إقليمية أكبر تهدف إلى تحقيق مكاسب استراتيجية وسياسية على حساب الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة ككل...