الشرعية اليمنية: بين دعم التحالف وخذلان الشعب في مواجهة الحوثيين..
بقلم الكاتب / عبدالجبار سلمان..
مع اقتراب الصراع في اليمن من دخول عامه العاشر، يتزايد الإحباط الشعبي من أداء الحكومة الشرعية اليمنية التي لم تتمكن حتى الآن من استعادة السيطرة على كامل البلاد أو تحسين الأوضاع المعيشية لليمنيين، رغم الدعم الهائل الذي تلقته من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. ورغم الجهود الكبيرة التي يبذلها التحالف لتمكين الشرعية ودحر مليشيا الحوثي المدعومة من إيران..
إلا أن الشرعية تبدو عاجزة عن تحقيق الانتصار المرجو أو التخفيف من معاناة الشعب. منذ بداية الحرب في مارس 2015، قدمت السعودية والإمارات ودول التحالف العربي دعماً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً غير محدود للحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي سابقًا، والآن المجلس الرئاسي.
وقد تجسد هذا الدعم في تدخل عسكري مباشر أسفر عن تحرير مناطق واسعة من سيطرة الحوثيين، بالإضافة إلى تقديم مساعدات اقتصادية وإنسانية كبيرة للتخفيف من آثار الحرب. ورغم هذا الدعم السخي، إلا أن الإنجازات على الأرض كانت محدودة مقارنة بالتوقعات. تمكن الحوثيون من تعزيز سيطرتهم على العاصمة صنعاء ومعظم شمال اليمن،.
بينما بقيت الحكومة الشرعية تعاني من مشاكل داخلية تتمثل في الفساد والتناحر بين الفصائل المتحالفة معها، ما أضعف قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية لليمنيين وتحقيق الأمن والاستقرار. أحد أبرز العوامل التي ساهمت في خذلان الشرعية للشعب اليمني هو انتشار الفساد وسوء الإدارة داخل الحكومة والمؤسسات التابعة لها. تقارير متعددة أشارت إلى أن بعض المسؤولين في الحكومة الشرعية قد استغلوا الأزمة لتحقيق مكاسب شخصية..
فيما ظل المواطن اليمني يعاني من الفقر المدقع والبطالة وانعدام الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والتعليم. هذا الوضع أدى إلى تقويض ثقة الشعب في الحكومة الشرعية، وفتح المجال أمام مزيد من التشكيك في قدرتها على تلبية تطلعات المواطنين، ناهيك عن إدارة الدولة بشكل فعال. ونتيجة لذلك، فقد بات العديد من اليمنيين ينظرون إلى الشرعية على أنها جزء من المشكلة، وليست الحل. على الصعيد العسكري..
ورغم الدعم الكبير من التحالف، لم تتمكن الحكومة الشرعية من تحقيق اختراقات استراتيجية كبيرة منذ تحرير عدن عام 2015. وتراجعت الإنجازات العسكرية بشكل واضح أمام صمود مليشيا الحوثي المدعومة من إيران التي استطاعت الحفاظ على قبضتها الحديدية على صنعاء ومحافظات أخرى مهمة كالحديدة. وعلى الصعيد السياسي، لم تتمكن الحكومة الشرعية من بناء توافق وطني حقيقي أو فتح قنوات تواصل فعالة مع مختلف القوى السياسية والمجتمعية، ما جعلها معزولة إلى حد ما عن الواقع الشعبي والسياسي في البلاد...
كما أن حالة الانقسام الداخلي بين الفصائل المتحالفة معها، مثل التوترات المستمرة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، أعاقت جهود الحكومة لاستعادة السيطرة على كامل التراب اليمني. بالتزامن مع فشل الشرعية في تحقيق تقدم ملموس على الأرض، شهد اليمن تدهوراً غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية. حيث يواجه ملايين اليمنيين نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والمياه النظيفة، إضافة إلى تفشي الأمراض والأوبئة. التحالف العربي، بقيادة السعودية، قام بجهود كبيرة في تقديم المساعدات الإنسانية..
إلا أن هذه الجهود لم تتمكن من حل الأزمة بشكل كامل نظراً لاستمرار الصراع. في النهاية، يُنظر إلى فشل الحكومة الشرعية في اليمن على أنه نتيجة لعوامل داخلية تتعلق بالفساد وسوء الإدارة، بالإضافة إلى الانقسامات السياسية والعسكرية التي أضعفت جبهتها. ورغم الدعم الهائل الذي قدمه التحالف العربي بقيادة السعودية، إلا أن هذا الدعم لم يترجم إلى انتصارات حاسمة أو تحسين في أوضاع الشعب اليمني، ما جعل الكثيرين يشعرون بالخذلان..
إن استعادة ثقة الشعب اليمني وتحقيق السلام والاستقرار يتطلبان إصلاحات جذرية في صفوف الشرعية اليمنية، بالإضافة إلى توحيد الصفوف وتفعيل القدرات المحلية بجدية لمحاربة مليشيا الحوثي..