رغم إعاقته البصرية: مازن علاء..مبصر يسعى للعُلا

أذهلنا مازن علاء محمد ثابت، ابن البريقة في العاصمة عدن..ذلك الشاب اليافع الذي يطوي الآن السابعة عشرة من عمره..فرغم أنه فقد بصره عام 2015م بسبب خطأ طبي وحُرم من نعمة البصر..إلاَّ أن عزيمته لم تُثبط، ولم يدع للإحباط منفذاً إلى قلبه، وبدا أكثر ثقة بنفسه وبقدراته، وأكثر همة وتفاؤل لمواصلة مشوار حياته، وتحقيق أحلامه التي وضعها أمامه.. ذلك ما التمسناه منه في أول فعالية رمضانية تقيمها نقابتنا – نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين، مساء أمس الأحد 17مارس2024م، وكان نجمها المتألق كأول صانع محتوى"كفيف" يحصل على عضوية النقابة. 

لم نشعر للحظة أننا أمام فاقدٍ للبصر..لأن مازن أرغمنا أن نغض البصر عن ذلك، وتمكن أن يُقدم نفسه ببصيرةٍ نافذة ، وفكرٍ مستنير ، وبلغة رصينة ، وشعرنا بسعادة غامرة ونحن نصيخ السمع لحديثه الرقراق عن تجربته المتميزة في التكيف مع الإعاقة البصرية، وكيف شق طريقه ببصيرة مستنيرة وقلب سليم..ولا غرابة في ذلك فمازن، كما ورد في حديثه، محب لكل جديد، جذبته الصحافة والاعلام منذ الصغر، عن موهبة وعشق، وبعد إعاقته البصرية قرأ كثيراً عن ذوي الإعاقة البصرية، ثم التحق في معهد النور للمكفوفين..ولأنه كان لا يتحرك إلاَ بمرافق يقوده فقد استخدم العصا البيضاء للتنقل والتوجه وبواسطتها لم يعد بحاجة لأي مساعد مبصر، وأصبح يعتمد على نفسه.

التحق بعشرات الدورات التدريبية في مجال التسويق الاحترافي ، وفي إدارة الأعمال، وفي إدارة العمل المؤسسي، وفي مجال التعامل مع المكفوفين .. وفي مجال هوايته وعشقه الأقرب إلى قلبه ( الصحافة والاعلام) حصل على دبلوم مكثف من مركز البناء الإنساني في ماليزا، واتحاد العربي للمكفوفين في قطر ومركز أوروبي للتدريب في سوريا، وعدة دورات في العلاقات العامة والإعلام، وحينما التحق في جمعية المكفوفيين برز نشاطه وأصبح منسقاً للعلاقات العامة في الجمعية، كما انضم لمنظمة أكون الدولية، وهو عضو في الاتحاد العربي للمكفوفين في قطر، ويركز على نشاطه في الداخل وفي ذات الوقت يبني علاقات دولية، وفي هذا المضمار حضر مؤتمرات وفعاليات عدة منها أربع مرات في القاهرة ضمن التبادل الثقافي وإكتساب الخبرات في مجال ذوي الإعاقة البصرية، كما سافر حضر فعاليات في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية ، وتلقى دعوة لحضورمؤتمر في مدينة بريدة بالمملكة العربية السعودية وسيغادر عدن غداً الثلاثاء.  

يعطي مازن اهتمامه الخاص لأمثاله من ذوي الإعاقة البصرية، وأطلق لذلك مبادرة شخصيةن ذات بُعد وطني تضم مكفوفي المحافظات الجنوبية تحت اسم (أنا وأنت من أجل المكفوفين) وتختص بشكل خاص بذوي الإعاقة البصرية لتقديم الدعم المعنوي والمادي لهم وتسليط الأضواء على المبدعين منهم ومناصرة قضاياهم وتوفير الوعيى المجتمعي لهم..

كما أن مازن ينوي أن يقدم برنامجاً إذاعياً وتلفزيونيا يوجه للمكفوفين وذوي الإعاقة البصرية، ونأمل أن يتمكن من تحقيق هذه الفكرة. 

شخصياً ..اعتبر مازن نموذجاً لشبابنا الطموح، الذي لا يستسلم للإحباط، الذي وقع في حبائله الكثير من شبابنا ممن توقفوا عن النشاط وجفت ينابيع العطاء لديهم، وشتان بينهم وبين مازن الذي يحفر في الصخر، ويسعى لتحقيق ذاته متغلباً على كل الصعاب، ويذكرنا ببداياته وطموحه المقرون بالعمل والنشاط والهمة العالية بعظماء من فاقدي البصر، وأبرز من يخطر على بالنا منهم أبو العلاء المعري وطه حسين.

وبعد كل هذا.. ألم أقل لكم أنه نموذج متميز يجب أن يقتدي به ، ليس فقط من فقدوا بصرهم ومنحهم الله البصيرة، ولكن ممن هم مبصرين ، ولكن لا بصيرة لهم ولا همة ولا طموح..

(*) مدير دائرة الثقافة بنقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين

عدن

18مارس2024م