صيام اليمني الأخير ...وسرديات الأمم

 لَاْ أعْلمْ متى بِالضبط؟! ... إنّما يحدثُ لا إراديا منذُ زمنٍ ليس بالبعيد ...

بدأَ الإنسانُ اليمنيُّ الأخيرُ في استقلاب ضوءِ الشمسِ كالنباتاتِ، بعدَ عَجِزه أنْ يكونَ حتى نباتياً في طعامِه مثل غاندي وأمّته.

      الإنسانُ اليمنيُّ الأخيرُ يتغذَّى من النفحاتِ ومن أريجِ الخطاباتِ ... (شعبٌ بِلا أفواه! )... هل قلْتُ: شعباً بلا أفواهٍ؟ ... أبطالٌ تحرَّروا من كلّ جوعٍ؛ حتى أكلوا الجوعَ! ... صومُهم لا إراديٌّ!

      كيفَ تصنعُ حِمْيَةُ الملائكةِ ملائكةً ورِجالا؟

        قالَ: "سَتلقونَ يّسوعَ الربُّ المخلِّصُ بعدَ صيامِكُم المميتِ هذا... صوموا حدّ الموت" ...

      فصدقهُ أنصارُهُ المُخلصين وشيعتُه المتيمين، ثمّ صامُوا بعزيمةٍ ويقين أشهرا، حتّى هلَكوا؛ لتعثرَ على رفاتِهم السلطاتُ وهياكلهُم العظميةّ في واقعة عُرفت بـــ" مجزرة غابة شاكاهولا"، كانَ هذا قبلَ شهورٍ، وتهمةُ (الإرهاب) توجّهت بها السلطاتُ الكينية بحقّ قسيسٍ معتوه كان يعمل سائق أُجرةٍ قام بتحريضِ اتباعه على تجويع أنفسهم حتى الموت، مات المئات... بنصيحته للقاءِ ربهم يسوع، إنّما صيامهم (اراديُّ) ما فتئوا أحرارا باختيارِهمُ.

    وصيامُ اليمانيين وجوعُهم المميتُ غصبا وصبرا! ...فلمن نوجّه تهمةَ الإرهابِ إذن؟!...

    يذكرُ التاريخُ أنّ أوّلَ يمانيّ صامَ (إراديا) هو أبو لبابةَ الأنصاري عِندما قال:" واللهِ لا أذوقُ طعاما ولا شرابا حتى أموتَ أو يتوبَ اللهُ عليَّ". وهو من كِبار الصحابةِ ... مقامُه يطلّ من فوق تلةٍ على مدينة (قابس) جنوب تونس، يضيف معنىَ أسطوريا للمرويات الشفاهية عن هذا اليمانيّ الجليل المدفون في بلاد قرطاج. 

   (الدائم ربّي يا فطّارة) ... مثلٌ تونسيٌّ؛ نعكُسه على (بني شبعان) من بلادِ اليمن.

    حرام لا تأكلُه (بسر) ... هكذا تنبتُ سرديّةُ الصيام منذُ الطفولة في وعينا وخلاصتها أنّ المتعةُ المستقبليةُ أو المنفعة المؤجلة في راي علماء الأنثروبولوجيا؛ هي بذرة فكرة الجنة في الوعي البشريّ، فالصيامُ عن الأشياء وعن الشهوات يكون مردوده أفضل مما لو تعجل المرءُ وتسرع، وهذا يشمل أيضا البلوغ والنضج جنسيا وجسميا لدى الإنسان، وهنا الصيام (إراديا).

     والصيامُ إراديٌ عند الطائفة اليانية، وهذه الطائفةُ تصحيحٌ للهندوسيّة أو تعديلٌ عليها، لكنّهُ صيامٌ حتى الموتِ لمغادرةِ الدنيا متطهرين من أدرانها وهو خيارٌ مقدس عند أصحاب الأمراض المستعصية، وإذا كان خيارا فهو أيضا بمحض الإرادةِ.

أمثال شعبية عن الصيام.

(صام ... صام ... وفطر على بصالي .... الصوم بلا صلاة مثل الراعي بلا عصاه، صام... صام وفطر على بصله، صام دهره وفطر بصله.... والصوم بلا صلاة كالحمير المسيرة. صام وفطر على جرادة!

 

     رمضان ك

ريم .. مجيب الرحمن الوصابي