رمضانُ ..رحلة 27 عاماً من الذكريات والأحزان
أتذكر العام الذي صمت فيه رمضان كاملاً في العام 1998 كنت في الصف السادس الابتدائي وكانت امتحاناتنا الفصلية في الشهر الفضيل يومها لم نكن نملك تلفاز وسمعت الاخبار من الراديو، " غداً الأول من شهر رمضان " تفاصيل تلك الفرحة لا زلت أتذكر حلاوتها حتى اليوم .
في العام 99/2000 كانت السنة الأخيرة التي أصوم فيها رمضان في بيتنا رغم غياب الوالد عن المنزل غير ان الجفاف كان قد ضرب الريف وقريتنا من بين تلك القرى التي عانت من القحط الشديد أسوء ما في ذلك العام انني كنت مضطر لمساعدة أهلي لنقل الماء من مسافات بعيدة .
• عشت في الفترة من 2001-2006 في مركز مديرية الجعفرية الى جانب اخوالي واكمال التعليم الثانوي .. مرحلة النمو وذكريات الشباب في هذه القرية الكبيرة صلاة التراويح خلف أستاذ القران الكريم الأستاذ @حيدر محسن الوليدي – زملاء السكن – الليالي المضيئة وعودة المغتربين . عزائم الجيران .. انتظار العيد .. العمل في المتجر الى ساعات الفجر الأولى قبيل العيد ، كانت تلك الفترة جميلة رغم صعوبتها وقساوتها والصوم معظم الأيام بلا سحور .
• اربع سنوات أخرى من البُعد عن الأهل كانت في مدينة الحديدة في مرحلة التعليم الجامعي ، في إحدى الحواري، كنت أملك متجراً صغيراً يكفيني مصاريف الدراسة عملت في العام الأول بجانب احد الموظفين ولكن في الأعوام الثلاثة الأخرى بجانب أخي الأصغر اكرم الطياشي الذي كان في الثانية عشرة من العمر.
سنوات جميلة قضتيها بجانب أبناء الحارة الذين كانوا بمثابة العائلة الكبيرة ، صلاة التراويح في جامع راجح الفطور في الشارع ، الزحمة على الثلج قبل الإفطار، التخزين في الشارع من قبل الشباب حتى مطلع الفجر ، لعب الكرة في الصباح الباكر في كورنيش ساحل الحديدة مع العزيز عبده مهدي الواقدي ... مطعم العم صالح واولاد محمد علي ، تلك الام التي كانت تطبخ لنا الإفطار في بيتها وترسله مع ولدها قبل المغرب ... ليالي الحديدة الساحرة ما مثلها ليالي .
أنهيت التعليم الجامعي في شهر شعبان 2010 وكنت في مهمة عمل بمحافظة تعز أتذكر يومها التقيت بعدد غير محدود من الزملاء على هامش احتفال نادي الصقر ب الفوز ببطولة الدوري ، سافرت الى صنعاء قبل ليلة رمضان وقضيت هناك اكثر من النصف عدت الى الحديدة قبل ان اقضي اخر ثلاث أيام في بيتنا بالقرية .
العام 2011كنا في العاصمة صنعاء عام طويل ومليء بالأحداث والذكريات المتضاربة كان رفقاء السكن فيها المرحوم جمال النمري والعزيز علي حميد الأهدل شاركنا بعض الإفطار فيها الاحبة محمد السامعي و عبده المحبشي والمرحوم محمد شمسان والحبيب عارف السلمي .
كنت موظفاً في اف ام شباب وكان دوامنا مساءاً .. كثير من الفعاليات والاحداث والخيمية الرمضانية ما تزال عالقة في الذاكرة مع طيب الذكر Mohammed Alselwie
رمضان العام 2012 كان سعيد جداً وكنت يومها اخطط للزواج في إجازة العيد مر هذا الشهر سريعاً مع ترتيبات العرس.. كان رفقاء السكن نفس رفقاء سكن العام 2011م الذين كنت استعد لتوديعهم .
• رمضان 2013 كان اول عام استقر فيه بعد 13 رمضان من الشتات والعزوبية ، واضيف الى عائلتنا فرد جديد البكر " بدر ماجد الطياشي " الذي جاء قبيل رمضان بأيام وقضيت اخر أيام الشهر مع كافة افراد العائلة في صنعاء ، سافرت في العام 2014 لأداء مناسك العمرة وقضيت نصف رمضان بين رحاب بيت الله والمسجد النبوي ،لكن العام 2015 كان من أسوء الأعوام وقضيت هذا العام في اكثر من مكان واكثر من مدينة بفعل الحرب .
• رحلة أخرى ومحطة من محطات الحياة الصعبة حين غادرت البلد في نهاية العام 2015، لتعود أيام العزوبية والشقاء والبعد رفيق السكن كالعادة علي حميد الأهدل وفي ذلك العام تعرفت عن قرب على الأصدقاء محمود الحميديو احمد ردمان الشميري و محمد مصطفى رضوان السماوي و نبيل السماوي ، في العام لم يكن احسن من سابقه مع تغير وقت دوامي في الشركة التي كنت اعمل فيها ليكون العمل فقط في الفترة الصباحية
• ليأتِ العام 2018 حاملاً معه بشرى عودة الاهل واللقاء بأولادي بعد عامين من الشتات وتمر ثلاث سنوات 2018-2021 قبل ان ينضم الى عائلتنا طفل ثالث ، ومنذ العام 2018 حتى العام 2024 سبع سنوات من العمر تمضي ونحن بعيدين عن الاهل والأرض وصنعاء والوطن .
• بفعل حرب الخوثي على اليمن واليمنيين تشردنا في مختلف بقاع الأرض ، فقدنا أصدقاء وأهل وأحبه وزملاء دون ان نلقي عليهم تحية الوداع والنظرة الأخيرة .
• سلام الله على كل من كان جزء من ذكرياتنا ، لكن من قاسمنا شظف العيش وكسرة الخبز وغربة الروح ، والتحية لكل الزملاء في السكن والدراسة والغربة والعمل ، والف تحية وحنين لتلك الليالي الجميلة والذكريات التي خلدتها الأزمنة والامكنة من الحدية الى الحديدة ومن صنعاء الى الرياض .
• سلام الله عليكم أيها الأصدقاء وانتم تقرأون هذا الهذيان وملخص رحلة 27 عاماً من العمر و الذي جاء في لحظة تجلي وذكريات بعد سماعي للأهزوجة الخالدة " وحوي يا وحوي " التي كنت اسمعها منذ كنت طفلاً ، وما تزال بنفس الجمال حتى اليوم .