الاعتصامات المفتوحة ترسم الخطوط الحمراء أمام أي تسويات بالجنوب
في لحظة سياسية دقيقة يمر بها الجنوب، تعود الاعتصامات المفتوحة إلى الواجهة كأداة شعبية سلمية، لا بهدف الفوضى أو التعطيل، بل بوصفها رسالة سياسية واضحة لا تقبل التأويل، مفادها أن هناك خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها تحت أي مسمى أو ذريعة تسويات مشبوهة أو حلول مرحلية مفروضة من خارج إرادة الشعب الجنوبي.
لقد أثبتت التجارب السابقة أن أي تسويات لا تنطلق من الواقع الجنوبي ولا تحترم تضحيات أبنائه، سرعان ما تتحول إلى أزمات مؤجلة وانفجارات قادمة. ومن هنا، جاءت الاعتصامات المفتوحة كتعبير واعٍ عن الرفض الشعبي لأي محاولات لإعادة إنتاج الوصاية أو شرعنة الأمر الواقع على حساب القضية الجنوبية العادلة.
إن هذه الاعتصامات لا تستهدف أشخاصًا أو كيانات بعينها، بقدر ما تستهدف السياسات الخاطئة والصفقات السياسية التي تُدار في الغرف المغلقة، بعيدًا عن معاناة المواطنين وحقوقهم المشروعة. وهي تؤكد أن الجنوب لم يعد ساحة مفتوحة للتجارب السياسية الفاشلة، ولا ورقة قابلة للمقايضة في بازار المصالح الإقليمية والدولية.
كما تمثل الاعتصامات المفتوحة عامل ضغط سياسي وأخلاقي على القوى المحلية والإقليمية، لإعادة ترتيب الأولويات، ووضع القضية الجنوبية في صدارة أي مسار تفاوضي قادم، باعتبارها قضية شعب وهوية وأرض، وليست مجرد ملف يمكن تأجيله أو الالتفاف عليه.
وفي هذا السياق، يبرز الوعي الشعبي الجنوبي كصمام أمان حقيقي، حيث أثبت الشارع الجنوبي أنه قادر على فرض معادلة جديدة عنوانها: لا تسويات فوقية، ولا حلول تنتقص من حق الجنوب في تقرير مصيره وإدارة شؤونه السياسية والأمنية والاقتصادية.
إن الرسالة الأهم التي تبعث بها الاعتصامات المفتوحة اليوم، هي أن الجنوب حاضر بقوة في معادلة الصراع والسلام على حد سواء، وأن أي محاولة لتجاوز إرادته أو القفز على مطالبه ستُواجَه برفض شعبي واسع، منظم، وسلمي، لكنه حازم وواضح.
ختامًا، يمكن القول إن الاعتصامات المفتوحة ليست حالة طارئة أو رد فعل مؤقت، بل هي تعبير عن مرحلة جديدة من النضال السياسي الجنوبي، مرحلة ترسم فيها الجماهير حدود المسموح والممنوع، وتعلن بوضوح أن مستقبل الجنوب لن يُرسم إلا بأيدي أبنائه، وعلى أرضه، وبإرادته الحرة.




