بين التصريح والواقع… هل تبدأ مرحلة الإصلاح الحقيقي؟
جاء التصريح الصحفي لدولة رئيس الوزراء اليوم ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ مساء مختلفا عن كثير من الخطابات الرسمية السابقة فقد لامس جوهر القضايا التي طالما تحدث عنها المواطنون والنخب الأكاديمية والموظفون زمن تدهور الخدمات وضعف الاداء الحكومي الى تفشي الشللية والمحاصصة وغياب الرقابة الفعّالة لاول مرة بدا الخطاب قريبا من نبض الشارع وواضحا في تشخيص العلل التي انهكت الدولة وارهقت الناس.
لكن قيمة اي خطاب لا تقاس ببلاغته بل بما يليه من خطوات فاليوم بعد هذا التصريح المتقدم يجد المواطن نفسه امام سؤال جوهري هل سنشهد ترجمة فعلية لهذه التعهدات؟ وهل ستتحول هذه المبادئ الى سياسات ثابتة ام ستظل مجرد امنيات تنسى مع اول اختبار؟
انهاء المحاصصة… خطوة تنتظر التطبيق
حيث اكد رئيس الوزراء ضرورة انهاء المحاصصة واختيار القيادات على اساس الكفاءة ودي النقطة تحديدا هي اساس الانهيار الإداري فالدولة لا تبنى على الولاء ولا تنهض بالمجاملة بل بقوة المؤسسات وفاعلية القوانين.
ان ارادت الحكومة ان تبدا بداية صحيحة فعليها اعلان معايير واضحة لاختيار القيادات ثم تطبيقها بشفافية وجراة مهما كانت الضغوط فالإصلاح يبدا من راس الهرم الإداري ومنح المناصب لمن يستحق لا لمن يراد ارضاؤه.
تفعيل المحاسبة بلا استثناء
المحاسبة ليست شعارا بل ثقافة دولة فالناس يريدون ان يروا مسؤولا يحاسب ومخالفا يسائل ومهملا يبعد من موقعه فلا قيمة لاي اصلاح ما لم تفعل اجهزة الرقابة والتفتيش وتمنح الصلاحيات وتحمى من التدخلات فالمواطن اليوم لا يريد لجانا جديدة بل نتائج ملموسة من تقارير تنشر وقرارات تنفذ وفساد يكافح ومسؤول يتحمل نتيجة عمله.
حضور الوزراء في عدن… بداية الانضباط
من المهم ان يكون مجلس الوزراء والوزراء في مواقع عملهم في العاصمة المؤقتة ليس مجرد اجراء إداري بل رسالة انضباط سياسي وأخلاقي
فالناس والموظفين والعاملين سئمت الغياب الدائم وازدحام التصريحات مقابل فراغ المكاتب وعمل على الواقع صفر والاهم هل سينفذ هذا الانضباط؟
وهل ستفعله الحكومة كسياسة مستمرة وليس كرد فعل ظرفي؟
خدمات الناس اولا
اشار رئيس الوزراء الى ملفات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والرواتب والأسعار وهذه هي العقدة المركزية التي يعيش حولها المواطن اليمني معاناته اليومية.
الكهرباء التي تتراجع كل صيف والمياه التي تنقطع بلا مبرر والتعليم الذي يضعف عاما بعد عام. والرواتب التي لا تكفي اسبوعا والاسعار التي ترتفع بلا رقيب ، ملفات تحتاج إلى خطط طوارئ عاجلة وليس وعودا وإلى شجاعة في مواجهة الفساد والتلاعب داخل المؤسسات الخدمية ذاتها.
الصناديق الإيرادية… الاختبار الاهم
اعادة حوكمة الصناديق الإيرادية وترشيح قيادات جديدة لها خلال اسبوعين هو من ابرز ما ورد في التصريح فهذه الصناديق على اهميتها ظلت لسنوات خارج دائرة الرقابة الكاملة واصلاحها سيكشف جدية الحكومة في مكافحة الفساد وسيعيد الثقة للشارع وللمؤسسات الدولية الداعمة.
تقدير التضحيات وتحسين اوضاع المقاتلين
ان الحديث عن تحسين اوضاع المقاتلين والجرحى والشهداء مطلب وطني وأخلاقي فهؤلاء هم من يدفعون الثمن الاكبر دفاعًا عن الجمهورية لكن اسر الشهداء والجرحى لا تريد كلمات تقدير فقط بل تريد حقوقا ورعاية وتسوية ملفات تراكمت لسنوات.
تصريح مهم وبداية مهمة والشارع ينتظر الأفعال
ولا شك ان التصريح لرئيس الوزراء خطوة إيجابية وصريحة وشجاعة لكن ستكون بلا قيمة اذا لم تتحول إلى قرارات تنفيذية خلال اسابيع لا شهور
فالناس تريد ان ترى وجوه جديدة في الإدارات وتقارير رقابية تنشر وفاسدين يحاسبون وتحسنا فعليا في الخدمات وانضباطا حكوميا حقيقيا.
ان الارادة موجودة في الخطاب ويبقى تحديد ما اذا كانت ستنعكس على أرض الواقع وفي النهاية سيبقى الحكم للمواطن ولما سيشاهده ويلمس اثره في حياته اليومية.



