طارق صالح ما يفسده العقل لا تصلحه العاطفة....
✍️????: عبدالمجيد زبح ....
طارق صالح لم يترك فرصة للتاريخ ولا اي لحظة يمكن ان تتحول الى موقف وطني حقيقي الا وحولها الى اداة للهيمنة العائلية.
ما افسدته العقلية المغلقة لم تستطع ان تصلحه العاطفة ولا الاستجداء ولا الخطابات المكررة. الساحل التهامي كان يمكن ان يصبح نموذجا لشراكة وطنية تقوم على التعاون مع ابناء تهامة وتقدير تضحياتهم وفتح صفحة جديدة تتجاوز اخطاء الماضي لكنك اخترت طريقا مختلفا طريق التفكيك والسيطرة والاقصاء. وحولت الساحل التهامي الى ساحة لتصفية الحسابات العائلية ولم تحترم دماء من حرروا الارض ولا تضحيات من قدموا حياتهم دفاعا عن ارضهم وهويتهم.
ما أفسده العقل لا تصلحه العاطفة ولا يصلحه خطاب يعاد انتاجه كلما ضاق الحال واشتدت العزلة وتكشفت الحقائق. كل ما حدث في الساحل التهامي كان كافيا ليكشف ان المشروع لم يكن مشروعا وطنيا ولا مشروعا للتحرير بل كان مشروعا عائليا يعيد انتاج مركزية الهضبة بوجه جديد ولون مختلف لكنه يحمل العقلية نفسها التي دمرت اليمن عقودا طويلة. منحت لك فرص استثنائية نادرة قدمها لك الشعب والقدر والمجتمع الدولي والتحالف وكان يمكن ان تتحول الى شراكة حقيقية تبني الثقة مع التهاميين وتعيد الاعتبار لارضهم وتاريخهم لكنها تحولت في يدك الى اداة للهيمنة والاقصاء والسيطرة.
وكان المفروض ان تكون شريكا للتهاميين لا سيدا عليهم وكان المفروض ان تكون الارض لابنائها لا لعائلتك واصهارك. كان ينبغي ان يكون اخوتك جنودا في معسكرات يقودها التهاميون الذين حرروا الارض قبل وصولك وكان ينبغي ان تكون الموارد بيد ابناء الساحل التهامي وادارتهم هم وليس بيد اصهارك من سنحان وخولان لكنك اخترت طريقا اخر طريقا مبنيا على القرابة والموالاة لا على الكفاءة والانجاز.
تفكيك الالوية التهامية كان البداية فتح السجون لابناء تهامة كان الخطوة التالية احلال ابناء العائلة في كل موقع كان المرحلة الثالثة وتحويل الساحل التهامي الى منبر دعاية عائلية كان الخاتمة الواقعية لمشروع لم يعرف معنى الشراكة يوما. وكان السؤال الذي يردده الناس بقلوبهم قبل السنتهم لماذا يصبح اخوك قائدا للبحرية وهو لا يجيد السباحة لماذا تصبح المؤسسات التي يفترض ان تكون سيادية بيد العائلة ولماذا يصبح عمار وعفاش والرضي ودويد قيادات يتحكمون بمصير جبهة لم يشاركوا في تحرير شبر واحد منها وما هي مؤهلاتهم وما هي انجازاتهم وكيف اصبحوا قادة بينما التهامي الذي قدم حياته وعرقه واراضيه يتحول الى جندي في صفوف مشروع لا يحترمه ولا يعترف بفضله.
لقد كررت خطأ عمك علي عبدالله صالح عندما منحته الاقدار فرصة نادرة بعد حادثة النهدين لكنه عاد وتحالف مع الحوثي معتقدا انه سينتقم من خصومه فكان التحالف هو بوابته الاخيرة نحو السقوط ولاحقا نحو تسليم البلاد لايران وانت كنت جزءا من ذلك المسار شاركت في تدريب الحوثيين وفتحتم لهم ابواب المعسكرات ثم سقط مشروعكم ومعه سقطت البلاد. كان من المفترض ان تتعلم من تلك النهاية لكنك اليوم تعيد القصة نفسها في الساحل التهامي تعيد بناء مشروع عائلي في ارض ليست ارضك وتلزم شعبا لم يختر مشروعك ان يخضع لما بقي من عقلية الحكم القديم.
منذ وصولك الى جبهة الساحل التهامي توقفت الجبهات وتوقف التقدم وتحولت المنطقة من جبهة قتال الى منصة اعلامية للترويج لمشروع عائلي يزاحم مشروع الولاية ومشروع الخلافة بينما اليمنيون يريدون دولة لا مشاريع شخصية ولا تكتلات اسرية. كان ينبغي ان تكونوا تحت قيادة التهاميين وكان ينبغي ان تحترموا التضحيات التي جعلت الساحل التهامي قائما لكنكم اخترتم السيطرة باسم التحرير واخترتم التوجيه العسكري باسم القرابة واخترتم اعادة انتاج مركزية الهضبة بطريقة جديدة.
تهامة ليست ملكا لعائلة وليست ارضا مفتوحة للمشاريع المفروضة من فوق وليست ساحة لاستعراض النفوذ. تهامة لابنائها وستظل لهم ولن يقبل اهلها ان يكونوا تابعين لمشروع يعيد انتاج الماضي. لقد قبل التهاميون وجودكم فقط احتراما لرغبة التحالف وتقديرا للموقف الاقليمي وليس ايمانا بمشروعكم وكانوا يتوقعون ان تتجهوا لتحرير مناطقكم سنحان وصنعاء التي سقطت بيد الحوثي لكنكم اخترتم البقاء في الساحل التهامي وفرض الهيمنة عليه بدلا من تحرير ارضكم التي تدعون انكم تقاتلون لاستعادتها.
لقد فشل مشروعكم قبل ان يبدأ لانكم اخطأتم في فهم معنى الشراكة واخطأتم في تقدير اهل الارض واخطأتم في الاعتقاد ان القوة تمنح شرعية وان السيطرة تمنح قيادة وان العائلة يمكن ان تحكم ارضا لم تشارك في صنعها او تحريرها. سقوطكم سيكون اشد من سقوط عمكم لانكم تكررون الخطأ ذاته ولكن في زمن مختلف وزمن لم يعد فيه الشعب يقبل بالهيمنة ولا بالمشاريع العائلية ولا بعودة مركزية الهضبة مهما تغيرت اسماؤها ووجوهها.
ما يفسده العقل لا تصلحه العاطفة وما تفسده المعادلات العائلية لا يصلحه خطاب وما ينهار بسبب الظلم لا ترفعه قوة مهما تضخمت لان من خذل ابناء تهامة في قوتهم لن يجد من ينقذه ساعة ضعفه. تهامة لابنائها والوطن للجميع اما المشاريع العائلية فهي صفحات فشل لن تعود الا في كتب التاريخ لا في مستقبل اليمن...



