اخيرا صار للفلسفة من يدافع عنها في اليمن...

بروفيسور / قاسم المحبشي ...

( كنا نخاف من ذكر اسم تخصصنا ونكتب 
اراءنا الفلسفية الخجولة باسماء مستعارة) 

البارحة كتب احدهم ( أنا لا أؤمن بالفلسفة) فانهمر سيل من التعليقات والمنشورات النقدية والمؤيدة منها ما كتبه ورصده الصديق المثقف مروان الجوبعي إذ كتب في صفحته بالفيسبوك ما يلي : " إثارة النقاش حول الفلسفة أمر إيجابي مهما كان الاختلاف بوجهات النظر ومهما كان مستوى الناس -على الأقل- النقاش سيدفعهم إلى التفكير واستيعاب أفكار ورؤى جديدة غير تلك الأفكار القديمة التي عرفوها.
هناك من يظلل الناس ويقول لهم الفلسفة كُفر
وهناك من يظلل الناس ويقول لهم الفلسفة لطبقة معينة من الناس فقط
الفلسفة ليست كفرًا ولا هي حكرًا على الفلاسفة والمثقفين بل هي سلوك إنساني يحتاجه كل إنسان لأنها في جوهرها تفكير وتأمل وسعي لفهم الذات والعالم ومن خلالها يصل إلى النضج.
لو وجد طفل نفسه في جزيرة سيقوده فضوله إلى التساؤل من أنا؟ ما هذا؟ ومن أين أتيت؟ وكيف؟ ستظل هذه الأسئلة تشغل تفكيره ومن خلالها تتطور معرفته لنفسه ولهذا العالم.
كلما وصل إلى معرفة شيء بحث عما هو أبعد.
حياة هذا الطفل أشبه برحلة الإنسان الذي رافقته الفلسفة منذ فجر التاريخ وصل إلى بعض الإجابات ومازال بعضها غامض ولكن رحلة التفكير والتفلسف قادته إلى انتاج المعرفة والأكتشافات التي غيرت هذا العالم.

 في نقاشنا يوم أمس حول الفلسفة أستوقفتني وجهتا نظر متعارضتان:
 الأولى وجهة نظر كُتاب وشعراء شباب كنت أظنهم مدركين بقيمة الفلسفة وأن هدفهم من نشاطهم الأدبي هو التنوير وإضافة شيء جديد حتى ولو على مستوى محيطهم القريب من خلال التأثير وتغيير الواقع ولكن من خلال وجهة نظرهم في النقاش أتضحت نظرتهم القاصرة إلى الفلسفة وأتضح أنهم يوظفوا قراءاتهم لتحسين النصوص ومكيجتها فقط دون علمهم أن الأدب في جوهره هو فن وفلسفة بالآن نفسه. صحيح الأدب هو فن يعتمد على اللغة والخيال والتعبير الجمالي الذي يخاطب العاطفة والذوق ويحرك الأحساس قبل الفكر ولكن هو أيضًا فلسفة يطرح أسئلة وجودية وإنسانية.

الأدباء الحقيقيين الذين أصبحوا رموزًا أدبية يشار إليهم لم يعطونا دروسًا مباشرة ولكن جعلونا نعيش الدرس دون أن نشعر به. جعلونا نرى أنفسنا في شخوصهم، ونسمع أصواتنا في حواراتهم، ونكتشف مأساتنا بين سطورهم.
لم يقولوا لنا كونوا أحرارًا بل كتبوا عن إنسانًا مضطهد فأشعلوا فينا الرغبة بالحرية. لم يعظونا بالعدالة بل رسموا لنا عالم ينهشه الظلم فشعرنا نحن بقيمة العدل. 
وهكذا.. الأدب ليس مجرد صور بلاغية وجمالية بل يجب أن تخدم هذه الصورة الجمالية فكرة وتجعل القارئ يراها من زاوية أخرى أكثر تأثيرًا. 

أما وجهة النظر الثانية التي أعجبتني خلال نقاش الأمس هي وجهة نظر أشخاص عاديين لا يوجد لهم أي نشاط أدبي ولا فكري ولكن تعليقاتهم كانت مثيرة للدهشة لما تحمله من وعي يدل على نضجهم وفهمهم للمعنى والقيمة الحقيقية للفلسفة.

من يُنظر إلى الفلسفة بعدائية وأحتقار فهو يحتقر العقل ونشاطه.
من يحث الناس على كراهيتها فهو يدعوهم إلى أن يتوقفوا عن التفكير ويصبحوا مجرد عبيدًا لآخرين يفكرون نيابة عنهم 
أن كنت تريد لأبنائك حياة سعيدة ومليئة بالتفوق والتميز علمهم الفلسفة واطلق العنان لعقولهم لترتقي. ميزة الإنسان بعقله والفلسفة هي صوت العقل الذي يظل باحثًا عن الحقيقة دون توقف" 

وكتب منير الواسعي في صفحته كذلك النص التالي: 

" من المخجل أن تدعي أنك مثقفًا ثم تأتي وتكتب بسيرتك الذاتية "لا أؤمن بالفلسفة".من قال لهذا الرجل أن الفلسفة مجرد فرضية أو أسطورة بشرية حتى يأتي ويرفضها بهذا الشكل الصادم؟. يحدث أحيانًا أن يرفض الإنسان أمور غيبية، أفكار، خرافات، أو أي شيء يفتقر للبرهان العقلي، أما أن يأتي ليرفض الفلسفة، فهذا شيء باعث للعار وجريمة فكرية تُسيء لكل العلوم والمعارف الإنسانية. 

ليس من حقك كمثقف أو ككاتب أن ترفض الفلسفة. فعندما تقول لا أؤمن بالفلسفة، أنت تقول لا أؤمن بالتفكير، لا أؤمن بطرح الأسئلة، لا أؤمن بالمنطق ولا بالعلم ولا الرياضيات ولا الفيزياء.. الخ، لأن الفلسفة هي الأساس الذي أنبثق منه جميع العلوم. إذاً انت هنا ترفض الحقائق الواضحة، وهذا شيء ينم عن تبلّد وجهل عميق. لكن المؤسف أن هذه هي مشكلة الإنسان دائمًا، فعندما لا يفهم شيء؛ يرفضه، فلا يمكنه أن يؤمن أو يسلّم بفكرة وهو يجهلها. 

ياصقر الفلسفة ليست الإلحـاد، إنها التسائل، إنها البحث الذي لا يهدأ، هي النبش في الاسئلة الوجودية والأزلية كما يقول نيتشة، فكل إنسان يتسائل هو يُمارس الفلسفة وبدون أن يدري. هل تعرف يا صقر أن الانسان قبل وجود الأديان أستخدم الفلسفة للوصول الى الله والحقائق الكونية، من دهشة السؤال أتت الإجابة لمعنى الحياة وغاية الوجود، تلك هي الفلسفة؛ مُلتصقة بالإنسان منذ بداية الحياة حتى نهايتها، ولولاها لما استطاعت البشرية أن تتقدم شبرًا واحدًا. 

والله مؤسف، كنت آمل كثيرًا وأقول ربما هناك مؤشرات تنبئ بقدوم كُتّاب ومثقفين من الجيل الجديد، لعل اليمن ومع واقعها المأزوم والمتشضي ستؤثث لنا فكر معرفي سليم مدرك لماهية الأمور، لكن الواضح اننا لم نستطع تجاوز أنفسنا بعد، ندور بدائرة مغلقة، حتى أبسط الامور البديهية لا نكاد نفهمها. تبًا للمثقفين الجدد" 

ومنشور أخر كتبه عبدالرقيب اليعيسي قال فيه: 

"نكران صقر للفلسفة لأنه يجهل ما معنى الفلسفة حتى اللحظة، لذا كما قلت إن الإنسان الذي يجهل الشيء يدّعي عدم الإيمان به، لكنه لو تطلع إلى نصوصه لوجد فيها فلسفة وتساؤلات جمعها من قراءته، ولكنها – ومن المؤسف – ربما جمعها في عقله الباطن ليفرغها أو يسردها في منشوراته حتى يُقال عنه مثقف.

عمومًا، لا بأس يا الحبيب، وإن كان لا يؤمن بالفلسفة، فنحن قد خرجنا من وسط الركام ومن بين أزيز الرصاص في هذه المحافظة التعيسة التي ينتمي إليها أنا وصقر، وقد أصبحت أؤمن بالفلسفة وأرى فيها الحبل الذي سيخرجنا من الوحل الذي نحن فيه.

وأنا والله قد نويت أن أكتب عن صقر من قبل في هذا الموضوع، حين نزل منشوره الذي يقول فيه إنه إنسان لا يخوض في الفلسفة، وحتى نعت الذين يأتون ويفتحون معه الأسئلة الفلسفية بنوع من الغباء أو ما شابه. ولكن الحقيقة أن ادعاء صقر بعدم الإيمان بالفلسفة نابع من عدم فهمه لمعناها، وربما ينظر إلى الفلسفة والسؤال من منظور كاهن أو مستبدّ يكره أن يفكّر الآخرون أو يتساءلوا.

وهذا مؤسف ومحزن، وقد أحزنني قبلك، لأني كنت أتطلع أن يكون صقر صوتًا عقلانيًا ومنطقيًا، لا صوتًا انفعاليًا وعاطفيًا ومجرد بوق دعائي، كما ألاحظ في الكثير من منشوراته، وفوق هذا يريد أن يقول للأخرين الفلسفة كفر...."
وهناك تعليقات كثيرة قصيرة منها :
أحمد البيضاني:
"هذا جاهل بماهيّة الفلسفة لأنه لو عرف لادرك أنها أصل وسِرّ جميع العلوم."
غسان القعيطي:
"انتقادك لشخص من نفس المنطقة شيء جميل ما اعتادت عليه الناس بحكم أننا مجتمع قبلي. الهدياني يتعلم من تجاربه، فلو لم يكن يؤمن بالفلسفة وما أثرت فيه، فإنه لن يكتب أنه لا يؤمن بها. شيء لا تؤمن فيه معناه أنه غير موجود، فلماذا تذكره؟"
عبدالرقيب قاسم:
"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي
قال موسى: رب ارني انظر إليك.
الفلسفة مذهب ومنهج الأنبياء والرسل وأهل العلم والعلماء.
الفلسفة أم العلوم، الفلسفة أم السؤال، للبحث عن الجواب والعلم والمعرفة لما في الوجود من عظمة قوانين الخالق.
ولولا السؤال لما تطورت المعرفة البشرية ووصلت لما هي عليه.
حلقة فلسفية نقاشية لإثبات العلم، بين الشك واليقين، بين إبراهيم والنمرود، بين إبراهيم والخالق، هدفها إثبات العلم وصحة وعظمة خالق الوجود.
لم يستحي أفضل البشر من التعلم ومن السؤال للمعرفة للوصول إلى اليقين حتى مع الله."
طلال الغزالي:
"الذي ينكر الفلسفة لا يعرف مدلولها."
رفيق الكريحي:
"من ينكر الفلسفة، ينكر جذور المعرفة ذاتها.
الفلسفة ليست ترفًا فكريًا، بل هي أصل السؤال، ومفتاح كل علم.
أن تقول "لا أؤمن بالفلسفة" وأنت تدّعي الثقافة، فأنت كمن يهدم الأساس ثم يتفاخر بالبناء.
الفلسفة ليست إلحادًا، بل هي دهشة السؤال، وجرأة البحث، وصدق التأمل.
وكل من يفكر، يتساءل، ويشك، فهو يمارسها دون أن يدري.
الفلسفة ليست خيارًا للنخبة، بل ضرورة للوعي، ومن يرفضها، يرفض أن يفهم نفسه والعالم."
نهار منصور:
"مشاكل كثيرة كانت ستُحل لو الفلسفة موجودة في المناهج، ويأتي هذا الشخص ليُرفضها."
حسين علي:
"كل ما حولنا نتاج الفلسفة بشكل أو بآخر، لكن "الناس أعداء ما جهلوا" عادي. إلى اليوم ابن رشد مدان."
فرح قائد:
"الفلسفة حياة، مثقف بدون فلسفة مجرد هراء."
محمد اليونسي:
"يا رجل، يكفي أنه يطبل لمعتوه اسمه رشاد الشرعبي، ذلك الذي يلقّن أتباعه تعاليم ما قبل التاريخ! لتدرك أنه مجرد كرتون من الكلمات المنمقة التي يحاول أن يغطي بها فراغ عقله من أي إبداع. قال إيش؟ فلسفة؟! يحتاج إلى عشرين سنة على الأقل ليتخلص من عقلية ترى أن الفلسفة ليست سوى \“دجاجة مضاعفة\“ كما أوهموه وضحكوا عليه!"
محمد أحمد: "هذه من ضمن الأشياء التي صدمتني بصقر، بعد صدمتي الأولى عندما علّق أو كتب منشورًا عن فيديو الحادث الذي حدث بالمنصورة أمام الحجاز، لما اعتدى مجموعة من الشباب على بنت قالوا لأنها طلعت من فتحة السقف وكانت تتمايل. امتدح فعل الاعتداء مثل بقية الحمقى الذين هلّلوا وكبّروا بصورة داعشية. وصفته بأنه لا يحمل فكرًا أو وعيًا، إنما مجرد ماكينة أو طابعة تنتج كلمات فقط. وقلت لا داعي لوجود أناسٍ أمثالك يدّعون الثقافة برصّ كلمات فقط، لا يحملون وعيًا، فالذكاء الاصطناعي حلّ محلهم."
الآراء الرافضة أو الناقدة للفلسفة
صقر الهدياني (كاتب):  اقنعني أن الفلسفة موجودة لنتفاوض على الإيمان بها أو لا."
شكري الحسني (شاعر):
"الفلسفة من منظور واقعي هي أيضًا أيديولوجيا."

ختاما اقول : 

استاذي العزيز فيلسوف اليمن الأول أبو بكر عبدالرحمن السقاف نم قرير العين فقد نبتت البذرة التي بذرتها ذات يوم في بلاد اليمن فإن فقدت مكان البذور التي بذرتها يوما ما، سيخبرك المطر أين زرعتها .. فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها والبذرة الطيبة ستنبت يوما ما حينما تتمهد وتتخصب طال الزمن أو قصر والعقل مثل الأرض مهما كانت خصيبة فلا تنجب الثمار الطيبة إلا بالحداثة والاهتمام وكذلك هو العقول لا تنجب أروع الأفكار الا بالقراءة والكتابة والحوار...