لماذا فشل قادة التحرير في تجاوز الخطاب إلى الفعل:طارق صالح نموذجا
منذ سنوات وأنا أتجنب الكتابة عن دور طارق صالح في خوض معركة تحرير صنعاء، لكنني بعد تغريدته الأخيرة لم يكن أمامي خيار السكوت خاصة وأن جبهة صنعاء لم تتحرك شبرا واحدا منذ وطأت قدماه أرض المخاء في تغريداته الموسمية، يتحدث طارق صالح – كغيره من قادة ما يُسمى بـ”الصف الجمهوري” – عن جرائم الحوثيين، يصفهم بالكهنوت، ويذكرنا كل عام بإرهابهم قبيل ذكرى ثورة 26 سبتمبر، لكن حين ينتقل الناس من المنصات إلى الواقع، لا يجدون إلا حالة من الجمود العسكري والشلل السياسي..
فما الذي يجعل قادة مثل طارق صالح يكتفون بالكلام، بينما يملكون الأرض والسلاح والدعم؟ ولماذا أصبحت معركة التغريدات بديلًا عن معركة التحرير؟.
من قائد ميداني إلى محلل سياسي
طارق صالح، الذي يملك آلاف المقاتلين ويرابط في مناطق استراتيجية بالساحل الغربي، أصبح دوره اليوم أقرب إلى معلق سياسي منه إلى قائد معركة، لا خطط عسكرية، لا تحركات ميدانية، ولا حتى إشارات واضحة على وجود نية لتحريك الجبهات، ما يسمعه اليمنيون منه لا يختلف كثيرا عما يكتبه أي ناشط سياسي على منصة X، رغم أن الفارق الجوهري هو أن الناشط لا يملك جيشًا، بينما طارق يملكه!.
الإرادة الغائبة: عندما يصبح التموضع أهم من التقدم
منذ توقفت معركة الحديدة باتفاق ستوكهولم، ترسخ وضع غريب، قوات حراس الجمهورية تدير مناطقها، دون أن تتقدم أو تنسحب، والظاهر أن البقاء في موقع آمن، تحت غطاء إقليمي، أصبح هدفًا بحد ذاته، فأصبح تحرير صنعاء شعارا للاستهلاك السياسي، يرفع عند الحاجة، ويختفي حين تحين لحظة القرار!.
الشعارات لم تعد دليل موقف، بل صارت أداة للهروب من الفعل، خطاب طارق يكرر عبارات مثل:
توحيد الصف الجمهوري، رفض المشروع الإيراني، استعادة الدولة..
لكن السؤال البسيط الذي لا يجيب عنه هو: كيف؟ متى؟ ومع من؟
الغياب الكامل لأي خطة عسكرية أو سياسية يجعل هذه الشعارات مجرد حيلة لتسكين الجماهير لا أكثر..
ورغم عضويته في مجلس القيادة الرئاسي، لا يبدو أن طارق صالح يملك رؤية وطنية جامعة، أو استعدادا للتنسيق الجاد مع بقية القوى المناهضة للحوثي!.
والنتيجة تشتت الجبهات، وتكريس واقع التقسيم، وكأن كل طرف بات يقاتل – أو لا يقاتل – لأجل حصته من الكعكة، لا لأجل الدولة..
ربما كان تحرير صنعاء هدفا يوما ما، لكن الواضح أن التمركز في الساحل أصبح أكثر راحة وأقل تكلفة، طالما التمويل مستمر، فالخطابات ستطلق عند الحاجة،
والوضع الميداني لا يتطلب مجازفة أو خسائر..
في هذا السياق، يصبح التغريد على منصة X “معركة كافية” لتسجيل الموقف، دون أن يخسر أحد شيئا..
خاتمة: التحرير لا يأتي بالتغريد
اليمنيون لم يعودوا بحاجة إلى خطباء جدد، لقد ملوا من القصائد الحماسية والشعارات الكبرى، ما يحتاجونه هو فعل حقيقي على الأرض، وجبهة تتحرك، وخطة تحركهم من واقع الانقلاب إلى استعادة الدولة، أما من اختار أن يتحصن خلف شاشة ومنصة، فلا يتحدث عن معركة هو تخلى عنها..