"تهامة والسعودية: تاريخ من الوفاء وثقة للمستقبل"...
تتجذر في وجدان أبناء تهامة ثقةٌ عميقة وراسخة في المملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة، قائدة التحالف العربي، التي أثبتت على مرّ السنوات أنها لا تخذل من احتمى بها، ولا تتأخر عن نصرة من طلب دعمها في وجه الظلم والطغيان. فالمملكة، بسياستها الثابتة وعدالتها المعهودة، تمثل الحصن والسد المنيع في مواجهة كل من يسعى للنيل من أمن اليمن ووحدة أراضيه وكرامة شعبه.
لقد كانت تهامة في قلب الأحداث منذ اللحظة الأولى لانطلاق شرارة مقاومة ميليشيا الحوثي، وقدّم أبناؤها التضحيات والدماء في سبيل تحرير أرضهم واستعادة دولتهم من قبضة جماعة عنصرية مسلحة تتبنى فكراً زيدياً متطرفاً وهيمنة مناطقية تتمثل بالهضبة الزيدية، التي تتنكر للعدالة والمساواة، وتُقصي كل من لا ينتمي إلى بنيتها الضيقة فكرياً وجغرافياً. وفي ظل هذه المعاناة، يزداد إيمان أبناء تهامة بأن المملكة العربية السعودية لن تسمح أبداً بإعادة تسليم رقابهم لتلك القيادة التي دمرت اليمن وسعت لتفتيته على أسس طائفية وعنصرية...
فالمملكة كانت وما زالت مع اليمن كلّه، تقف على مسافة واحدة من جميع مكوناته، وتسعى إلى دعم وإنصاف كل مناطقه دون تمييز، وتهامة ليست استثناءً من هذا الالتزام الأخوي والتاريخي. لقد عانت تهامة طويلاً من تهميشٍ وظلمٍ ممنهج، بدأ منذ احتلالها على يد جيش الإمامة الزيدية، واستمر في صور مختلفة حتى اليوم، حيث تُنهب ثرواتها ويُقصى أهلها عن إدارة شؤونهم والاستفادة من مقدرات أرضهم. واليوم، يطالب أبناء تهامة، بثقة ومحبة، بدعمٍ سعودي مباشر يمكّنهم من إدارة مناطقهم بسواعد أبنائها وبناتها، وصون ثرواتهم من الاستنزاف، ورفع الظلم التاريخي الذي كابدوه لعقود. إن أبناء تهامة لا يطلبون امتيازات، بل ينشدون العدالة والإنصاف، ويعلمون أن المملكة العربية السعودية، التي تحمل لواء العدل في المنطقة، ستبقى عوناً لهم كما كانت دوماً عوناً لكل مظلوم...
تهامة، رغم غناها الجغرافي والسكاني والاقتصادي، كانت ضحية تهميش مزمن فرضته عقليات إمامية زيدية استعلائية، رأت في المركزية السلطوية وسيلة للسيطرة على مقدرات المناطق الأخرى، وفي مقدمتها تهامة. لأكثر من عدة عقود، ظلت تهامة خارج الحسابات التنموية والسياسية، تُنهب مواردها، ويُقصى أبناؤها، وتُمارس بحقهم طبقية مناطقية وعنصرية مقنّعة. لكن وعْي أبناء تهامة اليوم تغيّر. فهم لا يطلبون المستحيل، ولا يسعون لتجاوز الآخرين، بل يطالبون بحق أصيل: إدارة مناطقهم بأيديهم، وتوظيف ثرواتهم لصالحهم، والمشاركة في صناعة القرار، بعيداً عن الهيمنة الأحادية التي تسللت من الهضبة الزيدية تحت غطاءات شتى...
إن أبناء تهامة، وهم يشيدون بالدور العربي الرائد الذي تقوده المملكة في اليمن، يأملون أن يمتد هذا الدور ليشمل دعم إدارة محلية فاعلة ومستقلة لتهامة، يُديرها أبناؤها بعيداً عن الوصاية والهيمنة. هم لا يطلبون حماية فقط، بل شراكة حقيقية في مشروع وطني جامع، يكون فيه لكل منطقة صوتها وقيمتها. كما يطالبون بوقف نزيف الثروات التهامية، التي يستفيد منها الآخرون، بينما يعاني أبناؤها الفقر والحرمان. فالأمن والاستقرار لا يكتملان إلا بعدالة اقتصادية وسياسية، تعيد الحقوق إلى أهلها، وتصحح اختلالات الماضي. إن أبناء تهامة على يقين تام بأن المملكة العربية السعودية، بقلبها الكبير وقيادتها الرشيدة، ستقف إلى جانبهم كما فعلت دائماً. فهم لا يرون فيها فقط قيادة تحالف عسكري، بل قيادة أخوية وإنسانية تُنصف المظلوم، وتُناصر المستضعف، وتعمل من أجل يمن مستقر وآمن، يعيش فيه الجميع بكرامة وعدالة. الثقة في المملكة لم تتغير، بل تزداد رسوخاً...
وما يأمله أبناء تهامة اليوم، هو أن تكون هذه الثقة بوابة لإنصاف تاريخي، طال انتظاره، لواحدة من أكثر مناطق اليمن إخلاصاً وتضحية...