جـامـعة عـدن العقـول التي يجـب أن تُسـمع، قبل أن يـضيع الـوطن

فـي وطنٍ أثقلته الأزمات، وتاه في دروب التيه السياسي والاقتصادي، مـا زال هناك بصيص أمل يسكن جدران المؤسسات الأكاديمية، وعلى رأسها "جامعة عدن" ، تلك القلعة العلمية التي ظلت شامخة رغم الحروب والإهمال والتهميش.

     تمـلك هذه الجامعة من العقـول والخـبرات، ما يكفي لصياغة مشروع إنـقاذ وطـني متكامـل، لـو وُجد من يُصـغي.

     عـدن - اليوم - لم تعد تحتمل المزيد من الارتجال والعشوائية في إدارة شؤونها؛ أصبحت مدينة مثقلة بالهموم "اقتصاد منهك، خدمات غائبة، مؤسسات مشلولة، ونسيج اجتماعي مهدد بالتفكك". 

     لكـن كل هذه التحديات ليست مستحيلة، إذا ما وُضعت في يد من يملك أدوات التحليل والتخطيط والتنفيذ؛ وأين نجد ذلك إن لم نجـده في جـامـعة عـدن؟

     منـذ تأسيـسها، كانت جامعة عدن مصنعًا للعقول، وبيتًا للخبرة، ومنبرًا للمعرفة، خرجت من بين قاعاتها قيادات إدارية واقتصادية، وكفاءات قانونية وطبية وهندسية، أسهمت - في مراحل مختلفة - في نهضة المؤسسات اليمنية، في الداخل والخارج، لكنها اليوم، ومع الأسف، تُركت في الظل، لا يُستشار علماؤها، ولا يُستفاد من أبحاثها، ولا تُمنح المساحة للمشاركة في صناعة القرار.

     إن تجاهـل الجامـعات، وترك النخبة العلمية خارج دوائر التأثير، ليس - فـقط - خـطأ في التقدير، بل جريمة بحق الحاضر والمستقبل.

     كيـف ننتـظر إصلاحًا إداريًا، ونحن لا نستعين بكليات الإدارة العامة؟ كيف نحلم بانتعاش اقتصادي، ونحن لا نُشرك أساتذة الاقتصاد؟ كيف نتحدث عن العدالة ودولة القانون، بينما تُهمّش كليات الحقوق؟

     الجامـعة؛ ليست مكانًا للدراسة فحسب، بل هي مركز تفكير استراتيجي، ومؤسسة شريكة في التخطيط الوطني.

     لـذا؛ فـإننا نوجـه دعـوة صادقة وجريئة إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي:

     أن يُعـيد الاعـتبار للجامـعة، ويبدأ شراكة حقيقية مع الكفاءات الأكاديمية في جامعة عدن، لا من باب المجاملة، بل من باب المسؤولية التاريخية.

     أن تُكلّف الجامـعة بتقديم رؤية علمية للإصلاح المؤسسي، وإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، والنهوض بالبنية الاقتصادية والاجتماعية لعدن.

     أن تُفتح أبواب الرئاسـة ومجـلس الـوزراء، أمام لجان علمية دائمة من الجامعة، تراقب وتُقوّم وتقترح.

     إن الوقـت يضيق، والـفرص تتآكل، وكل تأخـير في الاستماع إلى العـقل هو خـطوة أخرى نحو المجـهول.

     فـلا تنمية بـلا عـلم، ولا استقرار بلا تفـكير منـهجي، ولا دولة بلا نخـبة تُصغى لها.

     جامـعة عـدن؛ هي الكـنز الوطـني الذي نمـلك، لكنها حتى اللحظة لم تُفتح خزائنه.

     فـإلى متى نبحث عن حـلول بعيدة، بينما الحـل هـنا… بيننا، في عـقول أبـناء الجامـعة؟

أ. مشارك د. هـاني بن محمد القاسمي

مستشار رئيس جامعة عدن للشؤون الأكاديمية

عـدن: 7. مايو . 2025م.