اليمن من ساحة صراع إقليمي الى تقاسم نفوذ!!
منذ إسقاط العاصمة صنعاء عام 2011، دخلت اليمن مرحلة مفصلية من تاريخها المعاصر تحولت من كيان سيادي موحد الى ساحة مفتوحة للصراع الإقليمي والدولي تدار بواسطة وكلاء محليين، وتصاغ فيها السياسات وفق مصالح الخارج لا لتطلعات الداخل .
اليمن تعاني اليوم من حرب تقاسم نفوذ واضح فرضته اطراف اقليمية ودولية لكل منها ادواته ومشروعه ضمن خارطة نفوذ تعيد رسم الجغرافيا السياسية للبلاد بطريقة تمزق السيادة وتضعف الدولة المركزية.
ايران عبر جماعة الحوثي باتت تسيطر فعليا على صنعاء وعدد من المحافظات الشمالية والغربية، وتمارس نفوذا سياسيا وامنيا يعكس استراتيجيتها الإقليمية في محاصرة الخليج وتوسيع دائرة التأثير في عمق الجزيرة العربية.
التحالف من جهته فرض قسمه ونفوذا مباشرا على مناطق واسعة في الجنوب من خلال تشكيلات مكونات مسلحة محلية تستخدمها لتنفيذ مشاريعهم السياسية والبحرية والاقتصادية لتعطيل دور اليمن الاستراتيجي ورعاية ما يسمى بالشرعية اليمنية التي فقدت فعاليتها وتحولت الى كيان مقيم خارج الوطن بلا سلطة حقيقية على الأرض.
سلطنة عمان بدورها تبسط نفوذها في محافظة المهرة في سياق سعيها لحماية حدودها الشرقية وضمان استقرار محيطها بينما تتحرك تركيا وقطر بهدوء في محافظة تعز عبر دعم اطراف محسوبة على تيارات الإسلام السياسي في اطار التنافس على النفوذ داخل الجغرافيا اليمنية.
المقلق في هذا المشهد ان هذه التدخلات لا تمارس عبر جيوش او احتلال مباشر بل عبر ادوات يمنية محلية للاسف تحولت إلى مشاريع سياسية لخدمة الخارج في مقابل المال والسلاح والتمكين السياسي وهو ما انتج طبقة منالمتنفذين لا علاقة لها بمشروع الدولة ولا بمصالح الشعب.
بهذا المشهد تكون اليمن قد تحولت فعليا إلى "كيكة" للتقاسم الإقليمي كل طرف ينهش جزءًا منها ويعيد هندستها وفق مصالحه بينما الشعب اليمني يدفع الثمن وحده غارقا في الفقر والنزوح والدمار دون افق واضح للخلاص.
ما يحدث اليوم هو اكثر من حرب إنه مشروع تفكيك ممنهج للدولة واعادة إنتاج كيانات سياسية تابعة لا تملك قرارها ولا تمثل شعبها وهو ما يدفع باليمن نحو نموذج "سوريا المعدلة" حيث تدار البلاد بادوات داخلية تعمل لصالح قوى خارجية.
ان المخرج من هذا المازق لا يكون إلا عبر استعادة القرار الوطني وبناء مشروع جامع يعيد لليمنيين هويتهم ويؤسس لدولة مدنية ديمقراطية قائمة على الشراكة والعدالة والمواطنة بعيدا عن الإقصاء والارتهان.
ان الاوان ان يقال بوضوح لا للوصاية لا للمشاريع الخارجية نعم ليمن مستقل سيد على ارضه وقراره وان يحترم تطلعاته وتقرير مصيره ..
*كاتب وناشط سياسي عدني