" الشفافـية والنزاهـة " حـجر الزاوية في مـعركة مكافـحة الفـساد

     في زمـن تتكاثر فيه تحديات التنمية، وتتعاظم فيه آثار الفساد، تبرز "الشفافية والنزاهـة" كمبدأين أساسيين لا غنى عنهما، في سبيل بناء دولة القانون والمؤسسات، وتحقيق العدالة الإجتماعية، وصون المال العام.

الشفافـية :

     تعني ببساطة، فتح الأبواب أمام الرقابة، وتوفير المعلومات للمواطنين، وجعل الإجراءات الحكومية والإدارية مفهومة وواضحة للجميع، وهي النقيض للتكتم والغموض والصفقات المريبة؛ فحين يُنشر كل عقد، وتُفصح الجهات الرسمية عن موازناتها وقراراتها، يُحاصر الفساد في أضيق الزوايا.

أما النزاهـة :

     فهي تتعلق بسلوك الأفراد والمؤسسات، وتعني الالتزام بالمبادئ الأخلاقية والقانونية، ورفض كل أشكال الرشوة والمحسوبية والعبث بالمال العام؛ النزاهة هي أن يؤدي الموظف عمله بضمير حي، وأن يُحاسب كل مسؤول إذا أخلّ بواجباته أو استغل منصبه.

"الشفافية والنزاهة"

     ليستا مجرد شعارات ترفع في المؤتمرات أو تزيّن خطابات المسؤولين، بل هما ممارسة يومية تبدأ من أعلى الهرم حتى آخر موظف في المرفق العام، وتشمل المواطن الذي يرفض دفع رشوة كما تشمل المسؤول الذي يرفض قبولها.

     في بلـدنا الذي أنهكته الصراعات والفساد، لم يعد الحديث عن الشفافية والنزاهة ترفًا، بل ضرورة وجودية، كونها مفتاح استعادة الثقة، وشرط أساسي لأي إصلاح حقيقي.

     فـمن دون وضوح في المعلومات، ومن دون أخلاق في الأداء العام، سيظل الفساد يتسلل إلى مؤسساتنا، ويقوّض كل جهود التنمية والبناء.

لذلك ؛ 

     فإن غرس ثقافة الشفافية، وتعزيز مبدأ النزاهة، يجب أن يكون على رأس أولوياتنا، ليس فقط في المؤسسات الحكومية، بل في التعليم والإعلام والمجتمع بأسره، لأن الحرب على الفساد تبدأ من وعي الإنسان، وتنتهي بقرارات جريئة ومحاسبة لا تستثني أحدًا.

أ. مشارك د. هـاني بن محمد القاسمي

مستشار رئيس جامعة عدن للشؤون الأكاديمية

عـدن: 19. مايو .2025م.