تجفيف منابع تمويل الحو,,ثي: هل تسقطه الحرب الاقتصادية قبل الرصاص؟..

الحوثي ميليشيا ولدت من رحم الصراع وتغذت على الحرب، لا تأبه إن تحول اليمن إلى ركام أو إن امتلأت المقابر الجماعية بضحاياها. لا يرف له جفن أمام مشاهد الدمار أو أصوات النواح، لكنه في المقابل، يرتعد خوفًا من شبح الإفلاس الذي قد يهدد خزائنه...

فالمعركة الحقيقية التي قد تهز أركان حكمه ليست معركة الميدان، بل معركة الاقتصاد وتجفيف منابع التمويل. على مدى سنوات، جُرّب الخيار العسكري بكل أشكاله؛ آلاف الغارات الجوية، المعارك الطاحنة، والتحشيدات العسكرية، 

لكن الحوثي لم يسقط. لماذا ؟ لأن الحرب لم تستهدف نقطة ضعفه الحقيقية: المال. الحوثي يدير شبكة مالية ضخمة تمكّنه من الاستمرار، بدءًا من الضرائب والإتاوات، مرورًا بالتحكم في سوق المشتقات النفطية، وصولًا إلى المنظمات الدولية التي تعمل تحت سلطته، والتي تضخ أموالًا بشكل مباشر أو غير مباشر في خزائنه. الحوثي يستطيع الاستمرار وسط الدمار، لكنه لن يصمد طويلًا إذا جُففت مصادر تمويله. فكيف يمكن تحقيق ذلك ؟..

 ببساطة عبر نقل البنك المركزي وكافة المؤسسات المالية والتجارية وعلى الرغم من نقل مقر البنك المركزي إلى عدن، إلا أن الحوثيين لا يزالون يسيطرون على القطاع المصرفي في صنعاء. يجب على الحكومة الشرعية إجبار كافة المؤسسات المالية والتجارية على نقل عملياتها إلى المناطق المحررة، وفرض عقوبات على البنوك والشركات التي تتعامل مع الحوثي..

وكذلك إيقاف أنشطة المنظمات الدولية الداعمة حيث تعمل العديد من المنظمات الدولية في مناطق الحوثيين، وتحت غطاء العمل الإنساني، يتم ضخ ملايين الدولارات في اقتصاد الميليشيا. يجب على الشرعية الضغط دوليًا لنقل أنشطة هذه المنظمات إلى المناطق المحررة أو فرض رقابة صارمة على تمويلها. وأيضاً محاصرة تجارة الوقود حيث يحقق الحوثيون أرباحًا طائلة من تجارة المشتقات النفطية، عبر فرض الضرائب والجبايات على الواردات القادمة عبر ميناء الحديدة. يجب على الشرعية والتحالف فرض رقابة حقيقية على هذا القطاع ووقف تدفق الأموال إليه...

 بالاضافة إلى فرض عقوبات مالية دولية صارمة فيجب استهداف قادة الحوثيين وشركاتهم التجارية بعقوبات مالية مشددة، وتجفيف أرصدتهم في الخارج، ووقف أي تعاملات مالية مشبوهة. يبقى السؤال: هل تمتلك الشرعية الإرادة والقدرة على تنفيذ هذه الاستراتيجية ؟ للأسف، الفساد المستشري في صفوف الحكومة اليمنية يجعل أي تحرك اقتصادي فعال أمرًا معقدًا. هناك أطراف مستفيدة من استمرار الوضع الحالي، وأخرى لا تملك الجرأة لاتخاذ قرارات حاسمة...

لكن، إن كانت الشرعية جادة في إنهاء الحرب بأقل تكلفة، فإن سلاح الاقتصاد هو الحل. يمكن للشرعية والتحالف أن يوجها الضربة القاضية للحوثي دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة. فهل سيحدث ذلك، أم سيبقى الحوثي يعبث باليمن واقتصاده ؟..