مخاطر الفراغ والتمترس الحزبي على تعز
الإغراق في تسييس المشهد في تعز وتحزيبه، دفاعًا أو اتهامًا، سيقود إلى متاهة سياسية وإدارية وحقوقية.
كلما تأخرت استجابة الرئاسة لهذا الوضع، انزلقت تعز إلى مهاترات مناطقية تقسم المحافظة بين "مخالفة" و"حجريين"، وإلى صراع حزبي بين الإصلاح وبعض أطراف المؤتمر.
ربما هناك متابعة لا تظهر للعلن، وهناك محاولات لاحتواء الأمر، لكن تأخر وغياب محافظ المحافظة هو العيب الأكبر والخلل الأعظم.
بالطبع، ليست بالضرورة أن يكون رئيس مجلس القيادة أو رئيس مجلس الوزراء وراء كل خطوة إدارية، لكن ترك محافظة تعز بهذا الفراغ الإداري أمر مشين، وإذا وُجدت رغبة في المعالجة، فيجب أن تبدأ من دور وموقع محافظ المحافظة وعلاقاته بالقيادات الامنية والعسكرية والحزبية داخل الرُبع الخاص بالحكومة .
ما دون المخا ومديريات الساحل، ليس بيد الشرعية غير ربع تعز مع هذا لم تتمكن من حسن ادارته. واذا حسبنا ان تعز تحت هيمنة حزب الإصلاح فان الإصلاح عمليا يهيمن على ربع الربع.
تمترس الإصلاحيين وراء اتهام "العفافيش" هو هروب من مواجهة حقيقة الفوضى التي تعيث في تعز، وجعلتها إقطاعيات مافيوية، وهدر فرص التحرير، وفرص استعادة الدولة، وهو مؤشر على أن الإصلاح، بالرهاب المسيطر على ذهنيته من الآخرين، وتصلبه بالتخفي وراء مسؤولين كرتونيين، قد وصل إلى نقطة لم يعد قادرًا فيها على ضبط موقعه، سوى باستجلاب المؤامرات وصراعات 2011.
العار أن يتحول المطلب الآن إلى تحرير المحرر.
يستخفّ البعض بجريمة مقتل أفتُهان وقبلها فعل مع جريمة مقتل عدنان الحمادي، ويرون أنها مجرد أحداث جنائية عابرة، ويرفضون حتى مقارنتها بقياداتهم في تعز التي قُتلت غيلة.
الحقيقة أن كل طرف في تعز لا يرى الأمور الأمنية إلا من زاوية مصالحه أو مخاوفه الخاصة، ولا يرى الدم المهدور إلا من خلال بطاقة الانتماء إليه.
وإذا لم يتحرك الإصلاحيون في تعز، ومن وراءهم قيادتهم الحزبية المبعثرة في مدن العالم، بشكل جاد، ويستوعبوا أن الطريقة الحالية غير مجدية، وأنه دون انفتاح على بقية المكونات، واشتراط الكفاءة في تسيير شؤون المدينة، فلن ينجو الإصلاح.
المتربصون بتعز كثير، والمتربصون بالإصلاح أكثر، وخير المتربصين بالإصلاح هو الإصلاح نفسه.
مصطفى ناجي