لا حرية تمنح من طاغية، ولا عدالة تؤتى من قاتل

في زمن الحرب عندما تختلط الأصوات وتضيع الحقيقة بين ازيز الطائرات وصخب الدعاية يجد المواطن المسالم نفسه مسحوقا بين رحى الطغاة، انسان بسيط لا يبحث الا عن قوت يومه وامن اسرته ومستقبل اولاده، لكنه يسحق بلا رحمة في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل، يحاصر بالجوع يقتل بالقصف ويهجر من ارضه بينما الساسة والعسكر يتلاعبون بمصيره كما لو كان مجرد رقم في تقاريرهم.

ما يحدث اليوم في اليمن ليس مجرد صراع سياسي او عسكري، بل هو امتداد لعقود من الاستبداد والقهر الذي صنع انظمة لا تخدم شعوبها بل تستنزفهم حتى الرمق الأخير ومع ذلك فإن الظلم لا يرفع بيد ظالم اخر، والاستبداد لا يمحى بمستبد جديد مهما حمل من شعارات براقة او رفع راية التحرير ، الشعوب وحدها هي صاحبة الحق في تقرير مصيرها وهي من يجب ان تتحمل مسؤولية سقاط الطغاة لا ان تكون مجرد ساحة تتنازعها قوى خارجية تبحث عن مصالحها.

ان تحرير الاوطان يجب ان يكون نابعا من ارادة ابنائها بصمودهم من نضالهم المشترك ضد الاستبداد المحلي لا من تحالفات عابرة مع من لا يرون فيهم سوى ادوات لتحقيق اهدافهم، ان اي تدخل خارجي مهما تزين بمسميات براقة لا ينظر الى معاناة الناس بعيون الرحمة بل بعدسة المصالح الباردة تماما كما ينظر تجار الحروب إلى ساحات القتال على انها سوق مفتوحة للدمار والمكاسب.

ليست هناك عدالة في ان تحرر قوة ظالمة شعبا من ظالمه لتعيد صياغته وفق حساباتها ولا كرامة في ان يختزل النضال ضد الطغيان في القبول بطاغية اخر لمجرد انه يرتدي قناعا مختلفا فالنضال الحقيقي هو ان تصنع الشعوب حريتها بايديها ان تواجه القهر بارادتها وان ترفض ان تكون وقودا لحروب الاخرين او اوراقا في صفقات القوة العظمى.

ان الطريق الى الحرية طويل ومرهق لكنه الطريق الوحيد الذي يمنح الشعوب حقها في السيادة والكرامة اما الطرق المختصرة التي تمر عبر بنادق الغرباء وصواريخهم فهي ليست الا اعادة انتاج جديدة للعبودية ولكن باشكال اكثر حداثة وتحت مسميات مختلفة.

لن يكون هناك انتصار حقيقي الا حينما تنهض الشعوب بنفسها تتعلم تتحد وتناضل من أجل حقوقها بعيدا عن الاعيب القوى الخارجية واطماعها وحدهم الاحرار يصنعون الاوطان الحرة اما من ينتظرون الخلاص على ايدي الغزاة فلن يحصدوا سوى الاحتلال بمسميات جديدة.

#عارف_ناجي_علي