إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، وإلى رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك....
رمضان بلا رواتب.. ومأساة الموظفين المنسية
فتحي أبو النصر
مع حلول شهر رمضان المبارك، تتجدد معاناة مئات الآلاف من الموظفين اليمنيين الذين حرموا من أبسط حقوقهم: رواتبهم. في بلد تلتهمه الحرب والصراعات، باتت لقمة العيش امتيازا نادرا، وأصبح تأمين الحاجات الأساسية أشبه بمعركة يومية يخوضها المواطن اليمني بلا سلاح سوى الصبر، وبلا سند سوى الأمل الموشك على الانطفاء.
ففي ظل هذه الأزمة المستفحلة، يبرز تساؤل جوهري: لماذا لا يتخذ قادة الدولة خطوة أخلاقية جريئة، ويقررون تحويل رواتبهم ورواتب الوزراء والوكلاء والمستشارين والسفراء لمرة واحدة إلى موظفي الدولة المنكوبين بانقطاع الرواتب.
هذه الرواتب التي تتجاوز ملايين الريالات السعودية وملايين الدراهم الإماراتية، قادرة على إحداث فرق حقيقي في حياة آلاف الأسر التي أنهكها الجوع والعوز.
والشاهد أنه منذ سنوات، يعيش اليمني بين سندان الحاجة ومطرقة اللامبالاة السياسية.
فالحكومة الشرعية، رغم كل المشاكل التي تواجهها، يفترض أن تظل مسؤولة عن البحث عن حلول تخفف من وطأة الأزمة الاقتصادية على مواطنيها، ولو بشكل رمزي.
تخيلوا، ولو لمرة واحدة، أن يتخذ مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي، ورئيس الحكومة الدكتور أحمد عوض بن مبارك، قرارا استثنائيا بتحويل رواتبهم ورواتب المسؤولين لصالح الموظفين!
قرار كهذا لن يكون مجرد إجراء مالي، بل سيحمل دلالات أعمق: أنه لا يزال هناك من يشعر بمعاناة الناس، أنه لا تزال هناك إمكانية لإعادة بناء الثقة بين السلطة والشعب. بل ستكون رسالة قوية بأن هناك من يشارك المواطن أوجاعه، وليس فقط عبر البيانات والخطابات، بل عبر الفعل الملموس.
فالحاصل ان الراتب لم يعد مجرد استحقاق مالي، بل صار عنوانا للكرامة.
وحين يتأخر الراتب، لا يعني ذلك مجرد تأخر في دفع الفواتير، بل يعني أبا عاجزا عن شراء الطعام لأطفاله، وأما تقف عاجزة أمام صيدلية لا تملك فيها ثمن الدواء، وطالبا يودع تعليمه لأنه لا يستطيع تحمل نفقات الدراسة.
بمعنى أدق حين يكون المسؤول في موقع اتخاذ القرار، ويستمر في تقاضي راتبه الشهري بانتظام، بينما الموظف العادي محروم منه، فإن الفجوة بين الحاكم والمحكوم تتسع، ويتحول الشعور بالغبن إلى وقود إضافي للاستياء الشعبي، وربما لانفجار اجتماعي في أي لحظة.
وبرأينا يأتي رمضان هذا العام ليختبر مجددا قيم التضامن والعدالة الاجتماعية. فهل سيكون هذا الشهر الفضيل مناسبة لإظهار التعاطف الحقيقي مع الموظفين؟ أم سيمر كما مر من قبل، محملا بوعود جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع؟
صدقوني إن اتخاذ خطوة جريئة مثل تخصيص رواتب المسؤولين للموظفين سيكون بمثابة صدقة سياسية جارية، تعيد بعض الثقة بين المواطن والحكومة، وتبعث برسالة واضحة مفادها: "نحن نشعر بكم."
والحال إذا كان اليمنيون قد اعتادوا على الخذلان، فإنهم لم يفقدوا الأمل في أن تأتي لحظةٌ يعيد فيها المسؤولون النظر في أولوياتهم.
بل وإن كان هناك قرار واحد قادر على إعادة بعض التوازن الأخلاقي، فهو هذا القرار اللائق ،فهل هناك من يجرؤ على اتخاذه؟
***
إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، وإلى رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يعيش الموظفون في اليمن كما تعرفون معاناة لا تحتمل، فيما تمر الأشهر دون أن يتقاضوا رواتبهم، فيما تزداد تكاليف المعيشة وتضيق سبل الحياة الكريمة على أسرهم. هؤلاء الذين خدموا الدولة بإخلاص، باتوا اليوم عاجزين عن تأمين قوت يومهم، فيما المسؤولون يستلمون رواتبهم الباهظة دون انقطاع، رغم الأوضاع الاقتصادية المتردية.
وبالمختصر ليس هناك وقت أكثر مناسبة من الآن لاتخاذ خطوة استثنائية تعبر عن المسؤولية الحقيقية تجاه أبناء هذا الوطن. نعم ، لماذا لا يتم تخصيص رواتبكم ورواتب الوزراء والوكلاء والمستشارين والسفراء لهذا الشهر لصالح الموظفين؟ إن هذه الخطوة، وإن كانت رمزية، فإنها ستترك أثرا عميقا في نفوس الناس، وستبعث برسالة مفادها أن القيادة لا تزال تشعر بآلام مواطنيها.
وبالتأكيد فإن قرارا كهذا لن يحل الأزمة الاقتصادية، لكنه سيعيد جزءا من الثقة المفقودة بين الشعب والحكومة، وسيرسخ مبدأ التضامن في وقت بات المواطن فيه بأمس الحاجة إلى أن يشعر بأن هناك من يقف معه في محنته.
الموظفون لا يطلبون المستحيل طبعا، فقط أن تُنصفهم الدولة التي خدموها، وأن يتلقوا حقهم المشروع في العيش بكرامة. فهل أنتم على استعداد لاتخاذ هذا القرار التاريخي؟...