كفى تلاعباً بمصيرنا!
لقد بلغ السيل الزبى، وتجاوزت معاناتنا كل حد، فبعد سنوات عجاف من الصراعات والحروب، وقدمت فيها آلالف من الدماء بين شهيد وجريح، على أمل أن نستعيد وطننا وكرامتنا وخيراتنا ونحظى بحياة كريمة، إلا أننا للأسف وجدنا أنفسنا أمام واقع مرير، حيث تدهورت الخدمات الأساسية، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وانهارت العملة الوطنية، وتفشى الفقر والبطالة، وباتت لقمة العيش حلماً بعيد المنال.
ورغم كل هذه المعاناة، وبعد ان صحونا من حلم بات سراباً، لم نجد من المكونات السياسية التي تتناوب على حكمنا إلا التنصل من المسؤولية، وتبادل الاتهامات، وبكل استخفاف يؤكدون بأن الشعب ليس له أي قيمة لديهم، ومصيره لا يهم أحد منهم.
فإلى متى ستستمر هذه المهزلة؟
إلى متى سيظلون يتلاعبون بمصيرنا؟
إلى متى سيستمرون في إهدار مواردنا وثرواتنا؟
و بعد كل ما تبين لنا جلياً ولا يحتاج لتبرير..
متى يعلنها الشعب صرخة مدوية، بأن صبرنا قد نفد، وأننا لن نسكت بعد اليوم على هذا العبث بحاضرنا و بمستقبلنا.
متى يستفيق الشعب ليقول لهؤلاء توقفوا عن صراعاتكم العبثية على السلطة، أم ننتظر منهم إعلان فشلهم في إيجاد حلول جذرية للأزمات التي تواجهنا، وهل سيدين المجرم نفسه ويعترف بجرائمه التي لا تغتفر!!
أليس من حق الشعب أن يطالب بتشكيل حكومة وطنية قادرة على تحمل مسؤولية إدارة شؤون البلاد، وتنفيذ خطط عمل واقعية لمعالجة المشاكل ومحاسبة المسؤولين عن الفساد وسوء الإدارة، والذين تسببوا في تدهور الأوضاع في البلاد.
واقع مؤلم وشعور محبط أصبح يتملكنا إزاء ما نراه في ظل صمت رهيب عجيب وكأن ما نحن فيه قدر لا محال من تغييره ويفرض علينا قيوداً لنقف مكتوفي الأيدي أمام هذا الوضع، ويمنعنا من استخدام جميع الوسائل السلمية المتاحة للتعبير عن رفضنا لهذا الواقع، والمطالبة بحقوقنا التي انتهكت وصودرت بغير وجه حق.
والمشكلة الحقيقية التي أدت إلى ما نحن فيه والتي تكشفت لنا بوضوح واثبتت فشلنا في مطالبتنا باستعادة دولتنا وانتزاع حقوقنا وكرامتنا ، تكمن في أننا نفتقر لأهم عنصر كفيل بتحقيق مطالبنا و أحلامنا..
تلك الحقيقة المُرَّة هي أننا بحاجة لشعب مقدام يحرر نفسه من اليأس والفرقة والغفلة قبل أن يحرر هذا الوطن الذي أسره شعبه، وكيف بوطن معطاء أن يُحَرَّرَ دون همة و نخوة الأبناء!!
إننا كشعب بحاجة إلى التوحد والتكاتف والعمل معاً إن أردنا تحقيق أهدافنا في بناء دولة قوية ومزدهرة، دولة يسود فيها العدل والمساواة، دولة تحفظ كرامة أبنائها، وتصون حقوقهم، وبغير هذا لن نقيم دولة ولن ترفع لنا راية، وبالتالي لا نستحق العيش بكرامة، طالما واخترنا لأنفسنا الذل والمهانة، وبعنا مبادئنا وأهدافنا، فأضعنا خارطة طريق خلاصنا، وارتهنا لمصالح غيرنا، مع علمنا بأننا نُسَيَّرُ إلى حتفنا و هلاكنا، أم أن هذا تكتيك كما يخدعوننا، وأي تكتيك هذا يا قادتنا، لعمري والله إنه قمة غبائنا، وكلما طال غباء شعبنا ، طال بقائهم وطال معهم شقائنا، وتفننوا في اللعب بمصيرنا.