من البنك المفلس إلى العميل المغفل.. وحكاية حاسب ريح
استيقظ المغفلون ذات صباح عادي يشبه يومنا هذا "الخالق الناطق"، ليجدوا رسالة غريبة وعجيبة من بنك اليمن والكويت، وكأنها مكتوبة بأسلوب التحذير والوعيد، مفادها "استخدموا أرصدتكم قبل أن تختفي" فجأة تحول البنك من مكان يحفظ فيه الناس أموالهم إلى شخصية شريرة في رواية خيال علمي، تهدد المودعين بمستقبل غامض كالعادة.
تخيلت المشهد في فروع البنك كان أشبه بمسرحية هزلية، طابور طويل/عريض أمام جهاز يتيم، من أجهزة الصراف الآلي، وفي شارع قصي من "مدينة كريتر". مشاهد لمواطنين مغدور بهم يحاولون سحب أرصدتهم على قلتها أو كثرتها بكل الوسائل الممكنة والمتاحة. .
ويسرح بنا الخيال إلى أن أحدهم كان يصرخ: "لو سمحتم، أعطوني فلوسي "كاش موني" كما أودعتها ذات ثقة، أما وقد أصبحت بسعر التراب فأعطوني إياها لأشتري بها "بطاطس شبس البطل" لأحفادي الجياع، بينما آخر قال: "أحتاج للمال الآن، ربما سأستثمره في شراء برج تجاري في مديريتي الأبدية دار سعد أخفي من خلالها ملامح حياتي البائسة.
الناس وأنا منهم، كالعادة يتساءلون عن السبب الحقيقي لهذا الإعلان المثير للذعر. هنا تدخل الخيال الشعبي اليمني، وأنتج نظريات مؤامرة تفوق خيال هوليوود.
قال أحدهم: "أكيد البنك صرف كل الفلوس على دعم غزة، والمجهود الحربي لتجاوز حدود دواعش الجنوب"، بينما تكهن آخر بأن البنك استثمر أموال المودعين في شراء منظومة دفاعات جوية وقبة حديدية لصد هجمات طيران العدو الإسرائيلي.
لكن الحقيقة، كما ظهرت لاحقاً، أكثر سوداوية. البنك تعرض لعقوبات أمريكية لأنه، كما يُزعم، كان يمول ميليشيات الحوثي. وهنا نتساءل: هل كان البنك يرسل لهم الأموال عبر حوالات "سبيد كاش" أم يودعها مباشرة في حساباتهم على تطبيق "ماستر كارد""
أياً كان السبب، فإن الرسالة الحقيقية هنا ليست للمودعين فقط، بل للعالم أجمع: "لا تثقوا بالبنوك التي تخطط لشراء الصواريخ عابرة القارات بدلاً من التفكير بتحسين أوضاع العملة المتدهورة"
وفي النهاية، يبدو أن المواطن اليمني بات يتقن فن البقاء على قيد الحياة مكابرة وعناد رغم كل الكوارث ما ظهر منها وما بطن.
فمن بنك يهدده بفقدان أمواله إلى حكومة وسخة تهدده بانقطاع الرواتب والكهرباء والمياه، يبدو أن الشعب قد تعلم فنون الكوميديا السوداء بشكل احترافي، بل أنه أدمن الصفع على أم رأسه دون أن يحس.
فيا مودعي بنك اليمن والكويت، اصرفوا دراهمكم كما تريدون، واذكروا نعمة الله عليكم وعافيته، وقدموا لدنياكم العفو والحسبنة، وخذوا من الكلب ولو عظمة.
وسلامة الرأس فائدة