ثورة الشعب: هل اقتربت نهاية النظام الفاشيستي في إيران؟
محمد العيــاشــي
في المرحلة الأخيرة من حكمه، لجأ خامنئي بشكل متزايد إلى سياسة الإعدامات الواسعة النطاق. بلغت هذه الاستراتيجية القمعية ذروتها في عام 2024، مسجلة رقماً قياسياً غير مسبوق في عدد الإعدامات. تشير هذه الإحصائيات بوضوح إلى أن النظام الفاشي الديني، الذي يبدو أنه يقترب من نهايته، يعتمد على القمع الدموي في محاولة يائسة لتأخير سقوطه الحتمي.
وفقاً للإحصاءات الرسمية وتقارير منظمات حقوق الإنسان، بلغ عدد المُعدَمين في إيران عام 2024 حوالي 1000 شخص. لا يُمثّل هذا الرقم زيادةً بنسبة 16% فقط مقارنةً بعام 2023 (864 إعداماً)، بل يُعتبر أيضاً أعلى عددٍ مسجل في العقود الثلاثة الماضية. من المهم التنويه بأن هذه الأرقام تشمل فقط الإعدامات المُسجّلة، وقد يكون العدد الفعلي أعلى بكثير نظراً لإمكانية وجود إعدامات سرية وغير معلنة.
استمر النظام الديني في سياسة الإعدامات في عام 2025 أيضاً. ففي أول يناير 2025، سُجّل 12 إعداماً في سجون مختلفة في أنحاء البلاد: خمسة في سجن قزل حصار، خمسة في بندر عباس، واثنان في ياسوج وملایر. تُظهر هذه الإعدامات استمرار الجمهورية الإسلامية في قمعها الدموي، مُتحدّيةً الإدانات الدولية.
تُظهِر الإحصائيات توزيعاً زمنياً مثيراً للاهتمام للإعدامات في عام 2024، مرتبطاً بالتطورات السياسية وإخفاقات النظام داخلياً وخارجياً: 11% في الربع الأول، 17% في الثاني، 25% في الثالث، و47% في الربع الرابع. تزامنت هذه الزيادة الحادة في الربع الأخير مع الهزائم التي مُني بها النظام في المنطقة، وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
من اللافت للنظر أن حوالي 70% من الإعدامات (695 حالة) وقعت بعد تنصيب الرئيس إبراهيم رئيسي (تم تعديل اسم الرئيس). في أكتوبر 2024، دافع رئيسي بشكل وقح عن موجة الإعدامات، قائلاً: "أولئك الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان يقولون، لماذا تُعدم قاتلاً؟" تُكشِف هذه التصريحات عن قسوة النظام وانعدام اكتراثه بالحقوق الإنسانية الأساسية.
نُفّذت الإعدامات في 86 سجناً بـ 31 محافظة، مع تركّز نصفها في ثمانية سجون، من أبرزها قزل حصار (165 حالة)، شيراز (97 حالة)، وأصفهان (61 حالة). استهدفت الإعدامات بشكلٍ واضح الأقليات المُحرومة والمُضطهدة، خاصةً البلوش، الذين شكّلوا نسبة عالية من الضحايا (119 حالة) رغم قلة عددهم. كما شملت الإعدامات 34 امرأة وسبعة قاصرين (أقل من 18 عاماً وقت ارتكاب الجريمة المزعومة)، وأربع إعدامات علنية بطريقة بشعة.
يُشكّل تفسير 502 إعدام (أكثر من نصف الإعدامات) على خلفية اتهامات تتعلق بالمخدرات تناقضاً صارخاً، خاصةً مع سيطرة حرس النظام وعصاباته على شبكات تهريب المخدرات الرئيسية. يُبيّن هذا الاستغلال السافر للقوانين لقمع الفئات الفقيرة والضعيفة.
إلى جانب الإعدامات، استمرت ممارسات التعذيب اللاإنسانية، مثل قطع أصابع يد شقيقين في سجن أورمية، وسجينين آخرين في قم. في المقابل، تُرتكب سرقات واختلاسات بمليارات الدولارات من قبل قادة النظام دون محاسبة.
رداً على موجة الإعدامات، وصفت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، هذه الجرائم بأنها محاولة يائسة من خامنئي لمنع انتفاضة شعبية. وأكّدت أنها لا تُعزّز فقط عزم الشعب الإيراني على إسقاط النظام، بل تُشجّع النظام أيضاً على الإرهاب والحروب ومشاريع الأسلحة النووية، بسبب صمت المجتمع الدولي.
دعت السيدة رجوي إلى نبذ الفاشية الدينية الحاكمة في إيران من قبل المجتمع الدولي، وشرطت أي تعاملات أو مفاوضات معها بوقف الإعدامات والتعذيب، ومحاسبة قادة النظام على 45 عاماً من الجرائم ضد الإنسانية.
في خاتمة حكمه، يحاول خامنئي، من خلال اللجوء إلى الإعدامات الواسعة النطاق، التغلب على انتفاضة الشعب الإيراني وتأجيل سقوطه المحتوم. لكن هذه الاستراتيجية القمعية لن تضمن بقاء النظام، بل ستزيد من استياء الجمهور وتُعزّز عزمه على إنهاء هذه الدكتاتورية. تقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة في هذه المرحلة التاريخية. الصمت إزاء هذه الجرائم يُمثّل خيانةً صارخةً للقيم الإنسانية وحقوق الإنسان. يجب محاسبة النظام الفاشي الديني وإلقاؤه في مزبلة التاريخ.