العنصرية في اليمن: قضية الهوية والسلطة...

على مر العصور، شهدت اليمن تحولات اجتماعية وسياسية مهينة ارتبطت بشكل وثيق بالهويات العرقية والطائفية. وفي الوقت الراهن، تتجلى إحدى أعمق مظاهر العنصرية في اليمن في الطريقة التي يتعامل بها بعض الأفراد والجماعات مع مسألة الهوية، خاصة بين الهاشميين وبقية السكان.

الهاشميون، الذين يُعرفون بأنهم من نسل ابن عم النبي علي بن ابي طالب رضي الله عنه وزوجته فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا يشغلون مكانة اجتماعية مميزة في العديد من المراحل التاريخية. عبر العصور، كانت هناك مشاعر تفوق ناتجة عن نسبهم الذي يصفونه بالنسب الشريف، مما جعلهم يعتقدون في أحقية لهم في السلطة والنفوذ على حساب غيرهم من اليمنيين، وهو ما ينعكس اليوم في المواقف والاعتقادات التي تروجها بعض الجماعات الهاشمية.

تجلى ذلك بشكل واضح في حركة الحوثيين، التي تقودها أسرة آل الحوثي ذات الجذور الهاشمية. فهم يرون في أنفسهم ممثلين لأعلى درجات النقاء العرقي والديني، في حين أن بقية اليمنيين يعتبرون أقل مرتبة.
 هذا التوجه الأرعن يشير إلى توجهات فكرية قديمة تستند إلى فكرة التفوق العرقي أو الطائفي التي كان يتم ترويجها في الماضي. 
فيما حركة الحوثيين، التي ترفع شعار "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل"، أصبحت في نظر كثيرين تمثل نوعا من النخبوية الطائفية التي تعتقد في التفوق على الآخرين. وليس الموت يكون إلا لمن يعارض فكرتهم الشوهاء من الشعب.

لكن هذه الفكرة تتناقض مع التاريخ الوطني لليمن، إذ كان التنوع العرقي والقبلي من المكونات الأساسية لنسيج الهوية اليمنية.
و منذ تأسيس الجمهورية اليمنية، وتحديدا بعد توحيد الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في عام 1990، تم التأكيد على فكرة وحدة الشعب اليمني بغض النظر عن الانتماءات الطائفية أو العرقية.

ففي فترة ما قبل الوحدة، كان الجنوب اليمني يحمل هوية متميزة، تركز على الانتماء إلى "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" التي كانت تشجع على الانفتاح على جميع اليمنيين بلا تمييز طائفي أو عرقي. ومع الوحدة، تجسدت فكرة الوطن الواحد الذي يسعى للتقدم في ظل الاعتراف بالتنوع والاختلاف بين شمال اليمن ما كان يسمى " الجمهورية العربية اليمنية" وجنوب اليمن. 
لكن ذلك لم يحل دون ظهور معضلة الهوية مرة أخرى بعد الوحدة، حيث بدأت بعض التيارات في الجنوب يتساءلون عن انتمائهم، في ظل تغول القوى الشمالية، وأدى ذلك إلى تفاقم بعض النزاعات التافهة التي ما تزال حاضرة إلى اليوم.

على أن المعادلة تتعقد أكثر حين نأخذ بعين الاعتبار دور القوى السياسية التي استخدمت الانتماءات العرقية والطائفية لصالحها. 
وفي ظل الأزمات السياسية المتتالية، لم يعد بالإمكان تجاهل الواقع الذي يعيشه اليمن منذ فترة.
ذلك أن الحوثيون على وجه الخصوص يستغلون هذه الهوية الهاشمية لتحقيق أهدافهم السياسية، مما يعزز فكرة التفوق العرقي على حساب الآخرين.

ومن المهم هنا التذكير بأن الهوية اليمنية ليست مرتبطة بمجموعة عرقية واحدة أو طائفة معينة، بل هي مزيج من التاريخ والتقاليد التي تشكلت عبر الأجيال.
 وبالتالي، فإن الدعوات التي تروج لتفوق فئة على حساب باقي اليمنيين تؤدي إلى تفتيت وحدة المجتمع اليمني، وتزيد من حدة الصراعات الطائفية والقبلية.

والشاهد إن اليمن بحاجة إلى إعادة تعريف هويته الوطنية بشكل يضمن التعايش المشترك بين جميع أبنائه. بل ويجب أن تكون الهوية اليمنية هي هوية موحدة تستند إلى المبادئ الإنسانية والتاريخ المشترك، بعيدا عن التمييز العنصري أو الطائفي. 
كما لا بد أن يكون الجميع، بغض النظر عن انتمائهم العرقي أو الطائفي، شركاء في بناء مستقبل اليمن بعيدا عن الأفكار التي تدعو إلى التفوق على الآخر.

واشدد يجب أن يدرك عبد الملك الحوثي وكل الهاشميين أن الانتماء إلى اليمن لا يعني التفوق أو امتيازات خاصة، بل هو مشاركة في وطن واحد يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات أمام القانون.فيما الوطن بحاجة إلى مبدأ المساواة والتعاون بين جميع أبنائه دون تمييز.

ويبقى التحدي الأكبر أمام اليمن حاضراً ومستقبلا يكمن في تجاوز هذه الهويات الضيقة والمضي قدما نحو بناء دولة حديثة ترتكز على العدالة بين جميع اليمنيين.

ثم إلا يخجل عبد الملك ال...حوثي وهو يترنم بمبدأ "الولاية" أعلى تجليات " الإمامة" محتقرا وخائنا مبدأ الجمهورية التي هدفها الأكبر إزالة الحواجز والطبقات .؟!
ثم كيف يعتقد الهاشميين أنهم سادة وأن بقية اليمنيين عبيدا ..هل هذا هو الاسلام؟!. لا طبعا .
ذلك إن فكرة "الولاية" التي يتبناها عبد الملك.. الح..وثي، والتي تمثل تجسيدا ضمنيا لمبدأ "الإمامة" في الفكر الزيدي، تتناقض بشكل جذري مع مبدأ الجمهورية الذي يعزز من تكافؤ الفرص ويهدف إلى إزالة الفوارق الطبقية بين المواطنين. فيما تاريخ اليمن يشهد على أن فكرة الإمامة جعلت من بعض فئات المجتمع الهاشميين سادة، بينما تم فرض التهميش على باقي اليمنيين، وهو أمر يتعارض مع قيم الإسلام التي تدعو إلى العدالة والمساواة بين الناس.
 فالإسلام كما نفهمه لا يقر بأي شكل من أشكال الطبقية أو التميز العرقي أو الاجتماعي. ومن هذا المنطلق،فان تبني هذه المواقف لا يعكس جوهر الإسلام، بل يشوهه ويحول الدولة إلى نظام قمعي يعزز من الاستبداد.
والخلاصة أن لا عنصرية في اليمن إلا من الهاشميين المتطرفين للأسف ،تسعة وتسعين إماما مروا على الشعب اليمني وقاومهم وانتصروا بينما عبد الملك الحوثي هو الإمام رقم ١٠٠.
ويشهد تاريخ اليمن على مقاومة الشعب اليمني للتسلط الإمامي الكهنوتية على مدار أكثر من ١٢٠٠ عاما حيث واجه الشعب حكمهم وطالب بالحرية والعدالة. ومع مجيء عبد الملك الحوثي والمليشيات الحوثية كان لابد أن تجدد المقاومة الشعبية ضد محاولات العودة إلى ذلك النظام الاستبدادي، لتظل مبادئ المساواة محور نضال الشعب اليمني...