“تهامة بين الظلم التاريخي والتطلع لدعم سعودي يعيد الحقوق”..
✍????: عبدالجبار سلمان...
منطقة تهامة، التي تمتد على ساحل البحر الأحمر وتتمتع بموقع استراتيجي فريد، تعاني منذ عقود من الإقصاء والتهميش المنهجي. ورغم أنها واحدة من المناطق الحيوية التي تربط بين اليمن والبحر الأحمر، إلا أن أبنائها عانوا من الظلم والإقصاء على كافة المستويات، سواء سياسيًا أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا...
هذه المعاناة ليست مجرد قضية تنموية بل أزمة إنسانية متفاقمة، تستدعي إعادة النظر فيها بجدية وحسم. لم يحصل أبناء تهامة على تمثيل سياسي عادل في الحكومات اليمنية المتعاقبة، ما أدى إلى تغييب أصواتهم في صنع القرارات الوطنية. ظلوا محرومين من المشاركة الحقيقية في إدارة شؤونهم، وبالتالي لم تُعبر السياسات الحكومية عن تطلعاتهم واحتياجاتهم. ورغم الثروات الطبيعية التي تتمتع بها تهامة، من موارد بحرية وزراعية وموقع استراتيجي، لم تُستثمر هذه الموارد لصالح أبناء المنطقة. تُستغل الأراضي والموارد بينما يعيش السكان في فقر مدقع، دون أي خدمات أساسية أو فرص اقتصادية تضمن لهم حياة كريمة...
وتُعد تهامة من أفقر المناطق اليمنية من حيث البنية التحتية. لا تتوفر فيها الطرق المعبدة بشكل كافٍ، وتعاني من غياب المرافق الصحية والتعليمية، بالإضافة إلى انعدام المياه النظيفة والكهرباء. هذا التهميش والإقصاء المتعمد جعل الحياة اليومية للسكان صعبة ومليئة بالتحديات. ويُعامل أبناء تهامة بعنصرية واضحة، ويتم النظر إليهم كفئة مهمشة خارج نطاق الهوية الوطنية العامة..
وهذا التنميط ساهم في تعزيز سياسات الإقصاء التي تعاني منها المنطقة، وكأنه يُطلب من سكانها القبول بهذا الظلم كأمر واقع. تعتبر تهامة منطقة ذات أهمية استراتيجية نظراً لأن تهامة تطل على البحر الأحمر، وهو أحد أهم الممرات البحرية في العالم. يمر عبره جزء كبير من التجارة العالمية، ويُعد محط أنظار العديد من القوى الإقليمية والدولية. وكذلك تمتلك تهامة موارد زراعية ومصائد بحرية تجعلها من أغنى المناطق إذا ما تم استغلالها بشكل صحيح..
كما أن سكانها يتمتعون بمهارات وخبرات تقليدية في الزراعة والصيد يمكن توظيفها في التنمية. وأيضاً موقع تهامة يجعلها ذات أهمية مباشرة للأمن القومي لليمن وللدول المجاورة مثل السعودية. أي عدم استقرار في هذه المنطقة يهدد الملاحة البحرية والأمن الإقليمي. مع فشل الحكومات اليمنية المتعاقبة في رفع الظلم عن تهامة..
لم يعد أمام أبناء المنطقة سوى التوجه إلى المملكة العربية السعودية كأمل أخير. هذا التوجه يعتمد على عدة اعتبارات ومنها أن منطقة تهامة اليمن وتهامة السعودية تتشاركان بروابط تاريخية وثقافية. أبناء تهامة يشعرون بأنهم أقرب اجتماعيًا وثقافيًا إلى المملكة، مما يجعلها الحليف الطبيعي لهم في نضالهم للحصول على حقوقهم. وكذلك المملكة لديها الإمكانات السياسية والاقتصادية للتدخل بشكل فاعل ومساعدة تهامة على تحقيق التنمية وإعادة الإعمار..
كما أن استقرار تهامة يصب في مصلحة المملكة نفسها، خاصة بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي. بالإضافة إلى ذلك إن استقرار تهامة لا يخص اليمن فقط، بل يهم العالم بأسره. وباعتبار المملكة قوة إقليمية ذات نفوذ عالمي، فإن دورها في ضمان استقرار هذه المنطقة سيكون ضروريًا. يمكن تحقيق العدالة لتهامة بعدة عوامل منها التنمية الاقتصادية من خلال استثمار موارد تهامة بشكل عادل لصالح سكانها. وإقامة مشاريع تنموية وبنية تحتية حديثة لتحسين حياة السكان. ودعم التعليم والتدريب المهني لخلق فرص عمل جديدة. وأيضاً التمكين السياسي عن طريق ضمان تمثيل أبناء تهامة في المجالس التشريعية والحكومة. وإشراكهم في صنع القرارات التي تؤثر على منطقتهم. وكذلك التعاون مع المملكة العربية السعودية ودعوتها إلى تقديم الدعم المالي والتقني لتطوير تهامة، حيث أن في تعزيز التعاون بين تهامة والسعودية ضمان لاستقرار المنطقة. ومن العوامل الاساسية في تحقيق العدالة في تهامة هي مواجهة العنصرية والتهميش وذلك من خلال تطبيق سياسات وطنية تكفل المساواة بين جميع المواطنين. وتعزيز الوعي الثقافي باحترام تنوع الهوية اليمنية...
في الختام تهامة ليست مجرد منطقة تعاني من التهميش والإقصاء، بل هي رمز لنضال طويل من أجل العدالة والمساواة. إذا استمرت الحكومات في تجاهل هذه القضية، فإن الحل لن يكون إلا عبر التحالف مع قوى إقليمية كالسعودية، التي يمكنها أن تكون شريكًا حقيقيًا في رفع الظلم عن تهامة وتحقيق الاستقرار في المنطقة.المستقبل يمكن أن يكون أفضل إذا ما تحققت العدالة والتنمية لأبناء هذه المنطقة المنسية.