تعز.. بين وحدة الصف وتحديات المصير ....

طبعا لا يمكن الحديث عن تعز دون إدراك جوهرها الاستراتيجي: فهي ليست مجرد مدينة محاصرة منذ سنوات، بل قلب نابض لليمن، مرتبطٌ بموقعه على البحر الأحمر وباب المندب، حيث تتقاطع المصالح الإقليمية والدولية...

 وفي ظل هذه الحقيقة، فإن أي تباين أو تنافس بين الألوية العسكرية المناط بها حماية تعز وساحلها الغربي، سواء في محور تعز أو ألوية حراس الجمهورية، لا يعد مجرد خلاف داخلي، بل عاملا قد يعرض المدينة وسكانها لخطر مستقبلي لا تحمد عقباه...

فمنذ سنوات، ورغم الفارق في النشأة والتوجهات، تتقاسم قوات محور تعز وألوية حراس الجمهورية مسؤولية الدفاع عن شريان حيوي واحد: المحافظة التي تقف كحجر عثرة أمام المشروع الحوثي، والساحل الذي يمثل بوابة اليمن إلى العالم. ..

لكن هذه الثنائية لم تُحسم بعد بوحدة حقيقية، وظلت رهينة التجاذبات السياسية والعسكرية، في وقت يفرض الواقع ضرورة إدراك أن تعز بلا منفذ بحري تبقى في عزلة مريرة، وأن الساحل بلا امتداد داخلي محكومٌ بالفراغ والخطر...

بمعنى أدق فإن لم تتوحد هذه الألوية تحت رؤية وطنية جامعة، فاليوم الذي يتحول فيه التنافس إلى صراع لن يكون مستبعدا...

ذلك أن تعز بلا باب المندب ليست قوة استراتيجية، والساحل بلا تعز كجسد بلا روح. 
ومن هذا المنطلق، فإن استمرار حالة التجزئة في الرؤية العسكرية قد يجعل الفجوة تتسع، وربما يصبح الاحتراب الداخلي خطرا يهدد الجميع.
على إن التاريخ يعلمنا أن أي مدينة محاصرة لا تستطيع الصمود طويلا دون منفذ استراتيجي، وأن أي قوة تحرر شريانا بحريا دون عمق جغرافي داعم، تصبح هدفا سهلا للمتغيرات السياسية والعسكرية..

و من هنا، فإن أي خلاف بين ألوية تعز وألوية  الساحل الغربي سيقود، بمرور الوقت، إلى انقسام قد تستفيد منه القوى المعادية لمشروع الدولة، بل وربما ينتهي الأمر إلى اقتتال داخلي، لن يكون إلا هدية مجانية لمليشيا الحوثي، التي تنتظر لحظة كهذه بفارغ الصبر...

كذلك فإن المرحلة اليوم لا تحتمل صراعا بين من يُفترض بهم أن يكونوا في خندق واحد. 
ولذلك فإن توحيد الصف ليس رفاهية، بل مسألة بقاء. ثم إن التحالف بين قوات محور تعز وألوية حراس الجمهورية هو الضامن الوحيد للحفاظ على المحافظة وساحلها معا، وتأخير هذه الوحدة يعني تمهيد الطريق لمستقبل أسود لا يرغب أي يمني حر في رؤيته...

لذلك فإن المطلوب اليوم ليس شعارات ولا وعودا مؤجلة، بل قرارات حقيقية تضمن اندماج الألوية تحت هدف استراتيجي واحد: تحرير تعز والساحل، وتأمينهما من أي تهديدات مستقبلية، بعيدا عن حسابات الفُرقة التي قد تتحول إلى كارثة لا يمكن احتواؤها إذا انفجر الصراع.
في النهاية، الخيارات واضحة: إما وحدة تعزز القوة، أو انقسام يُمهِّد للضعف، وما بين الاثنين، يتحدد مصير تعز وميناء تعز وباب المندب.!...