هل تحتاج المناشدات إلى "واسطة" لتصل؟..
أسعد أبو الخطاب
في بلد تتشابك فيه الأحلام بالواقع القاسي، تبدو المناشدات الإنسانية وكأنها رسائل في زجاجات تُلقى في بحر بيروقراطي لا ساحل له.
لا يهم مدى الألم الذي تعانيه، أو التضحية التي قدمتها، أو حتى عدالة قضيتك؛ السؤال الوحيد الذي يحدد مصيرك هو: هل تملك "واسطة"؟
أحد الجرحى، الذي يحمل في جسده آثار معركة لم يخضها لنفسه بل للوطن، يقف اليوم على عتبات الأمل، يطرق أبواب القيادة، يناشد بحقه في العلاج.
وبينما تعلو صرخته وتزداد حاجته إلحاحاً، تبدو الإجابة الوحيدة التي يتلقاها هي الصمت.
البيروقراطية تنتصر دائمًا:
إذا كنت تظن أن الجريح يحتاج فقط إلى شهادة طبية، أو إثبات لخدمته، فأنت مخطئ تماماً.
ما يحتاجه حقاً هو "واسطة" قوية تستطيع أن تتغلب على جدران الصمت، وتتجاوز متاهات المكاتب المغلقة.
فبدونها، ستظل أوراقك في درجٍ لا يُفتح، ومناشدتك في بريدٍ لا يُقرأ.
الوطنية مقابل الإجراءات:
هذا الجريح الذي ضحى من أجل الوطن يُعامل وكأنه يطلب معروفاً شخصياً، وليس حقاً مشروعاً. تسأل نفسك:
هل على الجريح أن يقدم دليلاً على بطولته أم بطاقة تعريف بالواسطة التي يحملها؟
وكأن التضحية أصبحت شيئاً قابلاً للتفاوض وفقاً لموقعك الاجتماعي أو مدى قوة علاقاتك.
من حق إلى منّة:
في هذا المشهد العبثي، تتحول الحقوق إلى منّة، والعلاج الذي يُفترض أن يكون استحقاقاً وطنياً يصبح أشبه بجائزة يحصل عليها المحظوظون فقط. أما الآخرون؟
فهم يواصلون الانتظار في طابور طويل قد لا يصلون إلى نهايته أبداً.
مناشدات معلقة في الهواء:
كم من قصة مثل هذه ستظل عالقة؟
وكم من جريح وناشط سيضطر إلى أن يكرر نفس السؤال المؤلم:
هل تحتاج مناشدتي إلى واسطة؟" يبدو أن الإجابة واضحة: نعم، تحتاج إلى واسطة، أو إلى معجزة، أو ربما إلى فريق إعلامي ينقل قصتك للعالم لتصنع ضجة كافية تهز المسؤولين من سباتهم.
الخاتمة:
عندما تصبح الواسطة حبل النجاة في وطنٍ يفتخر بأبطاله في الخطابات فقط، يبدو أن الجريح الذي ضحى لأجل الكرامة قد يُترك دون كرامة.
فهل نستطيع أن نحلم بمستقبل تُسمع فيه المناشدات دون حاجة إلى واسطة؟
أم أن هذا الحلم، أيضاً، يحتاج إلى واسطة لتحقيقه؟
ناشط حقوقي، ونائب رئيس صحيفة عدن الأمل إلإخبارية..