لقاء الأردن التاريخي رؤية الحراك التهامي السلمي في تعزيز مكانة تهامة إقليميا ودوليا وذات أبعاد استراتيجية

لحظة تاريخية غير مسبوقة، تشكلت ملامحها في لقاء جمع وفد الحراك التهامي السلمي مع ممثلي مكتب المبعوث الأممي والبعثة الأوروبية في العاصمة الأردنية عمان. لم يكن هذا اللقاء مجرد اجتماع تقليدي بل كان حدثاً استثنائياً يعكس تحولاً في مسار الحراك التهامي السلمي نحو الاعتراف الدولي العميق بقضية ومطالب أبناء تهامة. لقد حمل الوفد التهامي رؤية شاملة ذات أبعاد استراتيجية، غنية بالتفاصيل السياسية والأمنية والاقتصادية، وطرحاً ناضجاً يؤكد أن تهامة لم تعد على هامش المشهد السياسي، بل باتت في قلب النقاشات الدولية. وهذا اللقاء يمثل خطوة هامة نحو إدراج قضية تهامة في الأجندة الإقليمية والدولية، وهو مؤشر على أن العالم بات يدرك عمق معاناة أبناء تهامة وأهمية مطالبهم العادلة.

ما قدمه وفد الحراك التهامي السلمي أمام المجتمع الدولي لم يكن مجرد عرض للمظالم، بل كان مشروعاً متكاملاً ومفصلاً، يُعنى بمعالجة جذور الأزمات التي أثّرت على تهامة، ويقدم حلولاً واضحة وواقعية تسعى لتحقيق سلام عادل ومستدام. لقد برز الحراك التهامي السلمي في هذا اللقاء كقوة سياسية واعية، لديها رؤية متكاملة ومدروسة تمثل تطلعات أبناء تهامة بدقة وموضوعية. هذا الطرح الناضج والمدروس، الذي قُدّم بأسلوب دقيق وشامل، ترك انطباعاً قوياً لدى ممثلي الأمم المتحدة الذين أبدوا إعجابهم بمستوى الوعي السياسي والقدرة الاستراتيجية التي يتمتع بها الوفد التهامي. ويعتبر هذا القبول الدولي الضمني بمطالب تهامة تأكيداً على أن المجتمع الدولي بات أكثر تفهماً لقضية أبناء تهامة وعمق مطالبهم وحقوقهم.

الرؤية التي قدمها وفد الحراك شملت مختلف الأبعاد، متجاوزةً القضايا السياسية التقليدية إلى أبعاد أخرى تشمل الأبعاد الأمنية والاقتصادية. على الصعيد الأمني، طرح الوفد رؤية ترتكز على الدور الحاسم الذي يلعبه أبناء تهامة في تأمين البحر الأحمر، هذا الممر المائي الذي يحمل أهمية استراتيجية قصوى للتجارة العالمية وللمصالح الإقليمية والدولية. وقد شدد الوفد على أن أبناء تهامة، باعتبارهم الأكثر ارتباطاً تاريخياً وجغرافياً بالمنطقة، هم الأقدر على حماية أمن البحر الأحمر وضمان استقراره. وتأكيد الوفد على هذا الطرح لم يكن من باب المطالبة فحسب، بل جاء كخطة عمل تستند إلى حقائق موضوعية تشير إلى أن أبناء الأرض هم الأعلم بتضاريسها، والأكثر حرصاً على حماية مواردها. وهذه الرؤية الاستراتيجية للأمن البحري تجعل من أبناء تهامة الشريك الأساسي القادر على تحقيق استقرار البحر الأحمر، وتأمين مصالح الدول المطلة عليه، وتعزز من مكانتهم كطرف لا غنى عنه في أي ترتيبات أمنية مستقبلية تضمن استقرار المنطقة.

وفي الجانب الاقتصادي، شدد وفد الحراك التهامي على ضرورة إعادة توزيع الثروات وضمان استفادة أبناء تهامة من مواردهم الطبيعية، ليتمكنوا من لعب دور فعال في بناء اقتصادهم المحلي وتطوير منطقتهم ، ويعكس هذا الطرح إدراكاً عميقاً لمبدأ العدالة الاقتصادية، وهو ما يتطلب إعادة النظر في كيفية توزيع الثروات بما يكفل تحقيق التنمية الشاملة لأبناء تهامة الذين عانوا من التهميش لفترات طويلة. فتمكين أبناء تهامة اقتصادياً، واستثمار مواردهم بشكل عادل، سيسهم في تحقيق تنمية مستدامة تسعى لتحقيق تطلعات السكان المحليين وتعزيز استقرار المنطقة بشكل عام.

على الصعيد السياسي، حملت رؤية الوفد رسائل واضحة إلى القوى السياسية الإقليمية والدولية، مفادها أن تهامة ليست مجرد مكوّن فرعي داخل المشهد السياسي، بل هي محور أساسي وأصيل. والرؤية السياسية التي قدمها الوفد التهامي استندت إلى الثوابت الوطنية التي تضمن حقوق أبناء تهامة كاملة، مع تأكيدهم على ضرورة وجود مؤسسات قوية تضمن تحقيق العدالة والمساواة. ولم يكن هذا الطرح السياسي مجرد مطالب عابرة، بل كان إعلاناً صريحاً بأن الحراك التهامي يسعى إلى بناء نظام سياسي شامل يضمن تحقيق السلام العادل ويعيد الاستقرار إلى المنطقة.

هذا اللقاء لم يكن فقط مناسبة لعرض رؤية الحراك، بل كان أيضاً رسالة إلى المجتمع الدولي بأن أبناء تهامة مستعدون للانخراط في أي حلول شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار والسلام، وأنهم يحملون رؤية متقدمة وقادرة على معالجة جذور المشاكل بموضوعية ومسؤولية. كما أظهر الوفد أن أبناء تهامة لديهم من الكفاءات والخبرات ما يؤهلهم للمشاركة في بناء المستقبل والدفاع عن مصالحهم وأرضهم، وأنهم الشريك الأمثل للمجتمع لتحقيق الأمن والاستقرار في البحر الأحمر. فلم تعد قضية تهامة مجرد ملف محلي، بل أصبحت جزءاً من الأجندة الإقليمية، وأضحى العالم أكثر تفهماً لعمق المطالب التهامية وأهميتها.