الصراع المذهبي والسياسي في اليمن: هل حان وقت فك الارتباط؟..

الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب

منذ زمن طويل، تعيش اليمن في ظل صراعات مذهبية وسياسية متعددة الجوانب، وقد أصبح من الواضح أن تلك الصراعات هي أحد أكبر العوائق التي تحول دون استقرار البلاد. 
فقد أظهرت تجارب الحكم، وخاصة تجربة الرئيس عبد ربه منصور هادي، أن الحكم في اليمن ليس مجرد مسألة إدارة سياسية، بل يتشابك مع البعد المذهبي بشكل معقد يجعل من الصعب على أي شخص من مذهب معين حكم اليمن بشكل سلس دون مواجهة معارضة من المذهب الآخر.
الصراع بين الشافعية والزيدية:

في تجربة الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي ينتمي إلى المذهب الشافعي، كان من الواضح أن التحديات التي واجهها لم تكن سياسية فحسب، بل مذهبية أيضًا. فخلال فترة حكمه، واجه هادي معارضة شرسة من النخب الزيدية الشمالية. ومن أبرز تلك القوى كانت جماعة علي محسن الأحمر، التي رأت في هادي تهديدًا لنفوذها وتاريخها الطويل في السلطة. 
إضافة إلى ذلك، كانت هناك معارضة من قبل عائلة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، وكذلك من الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذين لم يتقبلوا أن يحكمهم رئيس يتبع المذهب الشافعي.

التمرد والعرقلة المذهبية:

طائفة الزيدية في اليمن الشمالي، الذين يرون في أنفسهم حراسًا للمذهب الزيدي والسلطة السياسية، حاولوا مرارًا وتكرارًا تقويض حكم هادي وإعاقة جهوده في توحيد البلاد وإصلاح الأوضاع. 
وقد تجلت هذه المحاولات في التمردات العسكرية والسياسية التي دعمتها بعض الشخصيات الزيدية النافذة في البلاد.

من وجهة نظر ناشط حقوقي: فك الارتباط هو الحل باعتباري ناشطًا حقوقيًا، أرى أن الحل الأمثل للأزمة اليمنية يكمن في فك الارتباط بين الشمال والجنوب. 
الوحدة اليمنية التي تم الإعلان عنها في عام 1990م كانت تُعتبر خطوة إيجابية في ذلك الوقت، ولكن مع مرور الزمن وتفاقم الصراعات، أصبح من الواضح أن الوحدة لم تحقق أهدافها المأمولة. 
بل على العكس، زادت من تعقيد المشهد السياسي وأدت إلى صراعات مذهبية وقبلية لا نهاية لها.

أهل الشمال يعتنقون مذهبًا زيديًا مختلفًا عن أهل الجنوب، الذين يتبعون المذهب الشافعي، وهذا الاختلاف ليس مجرد اختلاف ديني، بل هو جزء من تاريخ طويل من التوترات والصراعات بين الجانبين. 
ومن هنا، يمكن القول إن فكرة الوحدة اليمنية أصبحت مجرد حبر على ورق، إذ أنها لم تحقق التعايش الحقيقي بين الشمال والجنوب، بل زادت من تعميق الفجوة بين الطرفين.

هل العودة إلى الوحدة ممكنة؟

من وجهة نظري، لا يمكن العودة إلى الوحدة اليمنية الحالية بأي شكل من الأشكال. فالواقع على الأرض يشير إلى أن محاولات الحفاظ على الوحدة لن تؤدي إلا إلى المزيد من التوترات والصراعات. 
ولذلك، ينبغي التفكير في حلول جديدة وواقعية تقوم على فكرة فك الارتباط، بحيث يعيش أهل الشمال في شمالهم وأهل الجنوب في جنوبهم، دون أي حلول ترقيعية قد تؤدي إلى تكرار الأخطاء نفسها.

إن فك الارتباط ليس مجرد خيار سياسي، بل هو ضرورة لحماية أهل الجنوب من استغلال السلطة في الشمال، ولحماية أهل الشمال من التوترات المستمرة مع الجنوب. 
على الجانبين أن يحترما بعضهما البعض وأن يعيش كل طرف في منطقته دون أن يحاول فرض إرادته على الآخر.

الخاتمة:

في النهاية، يمكن القول إن اليمن بحاجة إلى حل جذري لإنهاء الصراعات المذهبية والسياسية التي مزقته لسنوات طويلة. 
وفك الارتباط قد يكون الخطوة الأولى نحو بناء دولتين مستقلتين، كل منهما تحترم حقوق الطرف الآخر وتسعى إلى تحقيق الاستقرار والتنمية بعيدًا عن الصراعات التي لا تنتهي. يجب على الشعب اليمني أن يفكر في المستقبل ويختار الحلول التي تضمن له السلام والأمان بعيدًا عن التوترات المذهبية والسياسية التي دمرت البلاد...