الإنسان موقف

هناك كثير من القضايا ، التي تحدث في واقعنا اليوم ، ولكن لا أحداً يتكلم عنها ، أو يسلط الضوء حولها ، وفي حال ما يحاول أحد ما ، من التطرق أو الإشارة إليها ، حتى ولو كان ذلك من باب الضمير والإنسانية ، لإنه كما نعرف بإن الإنسان موقف ، ودون ذلك لا يساوي شيئاً ، لذلك ندرك جيداً بأن الأمور لابد من التعاطي معها ، مهما كانت الظروف التي تحيط بالإنسان .

لإنه لا يعقل ، بأن ترى زميلاً لك ، وهو يُهدد أو يُطارد ، من قبل أجهزة أمن ، وراءها دول ، وأنت تظل متفرجاً ، على ما يحصل أمامك ، من ظلم وإنتهاك ، ضد هذا أو ذاك ، من الزملاء وغيرهم ، لا والله هذا ليس من الإسلام ، لأن ديننا الإسلامي الحنيف ، حثنا على التعاون والتعاضد ورد الظلم عن الآخرين .

لإنه من غير المنطقي ، بأن يبقى المرء ، على ذاك الحال الذي يجعله دائماً بعيداً عن الأحداث ، حتى ولو كانت تضر بالمصلحة العامة والوطن ، فبإعتقادي هذا شيء لا يطاق ، ولا يمكن السكوت عنه ، لإنه كما نعلم بأن الإنسان في الأخير هو موقف ، وعليه أن يكون إلى جانب الحق ونصرته ، ولو بالكلمة ، ولكن للأسف نحن في زمن آخر ، تغيرت فيه كل القيم ، والإخلاق ، والمواقف ، والمبادئ ، وأصبح الحال كما نرى ونلحظ يرثي عليه ، إلى حد كبير وكأن الناس تجردوا من تلك السلوكيات الطيبة ، والإخلاق النبيلة ، ولم يُعدّ هناك سوى التعامل السيئ ، والخارج عن القيم الإنسانية ، في هذه البقعة البسيطة من هذا الكون ، المترامي الأطراف .

وبالتالي كان يستحسن من أولئك النفر ، الذين دائماً ما ينتقدوا الآخرين ، أن يفكروا قليلاً ، بأن الإنسان حال ما يكتب ، حول موضوع ما ، أو قضية حدثت ، هنا أو هناك ، سواءً داخل الوطن ، أو في إطار السلطة ، أو من يدعون بالحق ، فهذا ليس تجنياً ، أو تهكماً ، على هذا أو ذاك .. وإنما هو من أجل التقييم والتصحيح والعودة إلى الصواب ، وليس الهدم .

بقدر إن الكتابة ليست مقصورة على أحدٍ دون غيره ، وإنما هي ميدان واسع ، ومن لديه القدرة فليكتب ، وبما يخدم الناس والوطن ، ولكن ما يلاحظ للأسف ، إن من كتب أو أنتقد بعض الممارسات الخاطئة ، سرعان ما يوضع عليه علامة إستفهام ؟

هذا لحساب من ، وهذا معنا ، أو ضدنا ..! 

وهنا يكمن الخطأ ، لأن الناس ليس كلهم سيئين ، أو طيبين .

وبالتالي لا ينبغي التعميم ، لإن هنالك عناصر جيدة ، من أحزاب أخرى ، وربما يكونوا أفضل من ما يتصور هذا أو ذاك ، وبالتالي على هؤلاء ، أو أولئك ، أن يدركوا هذا الكلام ، ولا داعي بالتقول على الآخرين ، لإن المرحلة تتطلب منا بأن نكون معاً ، في مواجهة المشاريع الصغيرة ، والهادفة إلى تجزئة الوطن ، وتمزيق عرى وحدته أرضاً وإنسانا .

فضلاً عن الفساد المستشري في كل أجهزة ومؤسسات الدولة ، داخلياً وخارجياً ، ناهيك عن تلك الجزر ، والأراضي ، والموانئ ، وبعض المؤسسات العامة ، التي أصبحت تحت إدارة الآخرين .

إذاً ، أوضاع كهذه ، هل على الإنسان ، أن يظل صامتاً ، أو ساكتاً عن ما يجري ، في وطنه من إنتهاك لسيادته ، وتمزيق وإستقطاع لجزره ، وأراضيه ، ونهب لثرواته ، وسرقة لتاريخه ، وغيره ، لا أعتقد ، بأن يبقى المرء متفرجاً لما يحدث ، لإنه سيعتبر مشاركاً ، حتى وإن كان بعيداً عن ذلك .

         ولا نأمت أعين الجبناء ..