في الذكرى الثالثة لمجزرة الحوثيين: إعدام التهاميين بالهوية المناطقية وصمة عار في سجل الانتهاكات الإنسانية..

في الذكرى الثالثة لمجزرة الحوثيين: إعدام التهاميين بالهوية المناطقية وصمة عار في سجل الانتهاكات الإنسانية..

الكاتب / عبدالجبار سلمان

في الذكرى الثالثة للمجزرة الحوثية التي شهدت إعدام مجموعة من الأبرياء التهاميين، نقف أمام واحدة من أكثر الجرائم الإنسانية بشاعة التي ارتكبت في اليمن في السنوات الأخيرة. تلك الحادثة التي تجسدت فيها أسمى صور الظلم والتعسف بحق أبرياء كان جرمهم الوحيد هو الانتماء إلى منطقة تهامة، إحدى المناطق التي تحمل هوية تاريخية وثقافية فريدة...

في تلك المجزرة، أقدمت مليشيا الحوثي على إعدام مجموعة من الأشخاص، بينهم قاصر، في جريمة جماعية اتُخذت فيها الهوية المناطقية أساسًا للانتقام السياسي والاجتماعي. كان هؤلاء الضحايا مجرد مواطنين عاديين لا علاقة لهم بأي نشاط سياسي أو عسكري، إلا أن الحوثيين استغلوا الهوية التهامية كذريعة لفرض نفوذهم وتعزيز خطاب الكراهية والتفريق بين مكونات المجتمع اليمني..

 جاءت هذه الإعدامات ضمن سلسلة من الإجراءات التعسفية التي تمارسها مليشيا الحوثي منذ استيلائها على السلطة في صنعاء عام 2014م..

 وتسعى هذه المليشيا من خلال هذه الجرائم إلى ترسيخ سيطرتها على المناطق التي تعتبرها معارضة لسياساتها التوسعية، خاصة تهامة التي تتميز بموقعها الاستراتيجي وثقافتها الخاصة. حيث كانت تهامة دائمًا موضع اهتمام لعدة قوى بسبب موقعها الجغرافي على البحر الأحمر وأهميتها الاقتصادية. الضحايا الذين تم إعدامهم في هذه المجزرة لم يحظوا بأي محاكمة عادلة أو فرصة للدفاع عن أنفسهم. بل تم توجيه الاتهامات إليهم على أسس واهية ودون تقديم أدلة قانونية تدعم تلك الاتهامات. كما شملت هذه الإعدامات فتى قاصر، ما يُعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية التي تحظر إعدام القاصرين وتؤكد على حقوقهم في الحماية.. 

تعد هذه المجزرة مثالًا واضحًا على سياسة الإعدام بالهوية التي ينتهجها الحوثيون، حيث يتم استهداف أفراد بناءً على خلفيتهم الجغرافية أو الثقافية أو العرقية. وفي هذه الحالة، كان الانتماء لمنطقة تهامة هو السبب الرئيسي وراء الإعدام، مما يعكس حجم التمييز الممنهج الذي تمارسه الجماعة بحق اليمنيين الذين لا يتماشون مع أيديولوجيتها أو مشاريعها التوسعية...

 أثارت هذه المجزرة استياءً واسعًا على المستويين المحلي والدولي. حيث عبرت منظمات حقوق الإنسان الدولية عن قلقها الشديد تجاه هذه الانتهاكات التي ترتكب بحق الأبرياء. وأكدت تلك المنظمات على ضرورة تقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة، ووصفتها بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تستوجب المحاسبة. على الصعيد الداخلي..

شهدت تهامة ومناطق أخرى احتجاجات غاضبة تندد بتلك الإعدامات الوحشية. وأكدت القبائل التهامية أنها لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه الممارسات البشعة، وطالبت بمحاسبة المسؤولين عنها وبوقف الاعتداءات الحوثية التي تستهدف الهوية التهامية بشكل خاص..

 ختاماً تحل الذكرى الثالثة لهذه المجزرة ونحن نعيش في واقع تزداد فيه معاناة الشعب اليمني تحت وطأة الحرب والصراع. إلا أن الجرائم الحوثية بحق التهاميين تمثل نقطة سوداء في تاريخ اليمن الحديث، وتؤكد الحاجة الملحة إلى تحقيق العدالة وإنهاء الإفلات من العقاب..