بقدر الصدمة المفاجئة جاءت الفرحة النادرة..

بقدر الصدمة المفاجئة جاءت الفرحة النادرة..

بقلم : الدكتور قاسم المحبشي..*

نعم .. أنا الليلة فرحان جدا ، ليس لخروج أخي الحبيب أبو مهيب من الحجز الإحتياطي على ذمة التحقيق ، وثبوت براءته التي أعرفها قبل العالم كله. فهو أشرف إنسان محترم عرفته في حياتي. 
هو أخي الأصغر ؛ يصغرني بثلاث سنوات،  لكنه مدرسة متكاملة في الأخلاق النبيلة، والصبر والحلم والحكمة، والإصرار والإنجاز . تعلمت منه دروسا بالغة الأهمية لم أتعلمها لا في المدرسة ولا  في الجامعة. شخص لا يعرف الهزيمة والاستسلام ، ولا ينتظر الفرص بل يخلقها بنفسه مهما كانت الظروف والأحوال...

 أقسم لكم بالله العظيم أنني لم أسمع منه منذ طفولته كلمة سب أو شتيمة حتى في خصومه. كنا نسب ونلعن ونعرعر ونشتم أحيانا حتى مع أصدقاءنا أو زوجاتنا أو أعداءنا ، بينما صالح ، أخي ، لم يلوث لسانه بأية كلمة بذيئة. فضلا عن أنه لم يمضغ القات في حياته ، ولا التنباك ، ولا الكحول ، ولا العلاقات غير الشرعية مع النساء. رجل مستقيم  كالسيف. كل من عرفه يمنحه ثقته من أول لحظة. وهذا هو مبعث صدمتي الموجعة من الفرية التي أطلقتها المعتوهة أم ليث  ( المُتَوَحِّد ) . ما أشرها من امرأة ! لن يرتاح قلبي حتى تأخذ جزاءها القانوني العادل ، وتكون عبرة لمن يعتبر من شذاذ الآفاق...

فرحتي الليلة بمدى التضامن المدني الواسع مع الروضة والمدرسة الكندية الدولية وإدارتها الرشيدة. تضامن مدني لم يسبق له مثيل مع من يستحقه. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الوعي الناضج والحس السليم الذي لاتزال مدينة عدن الحبيبة تتميز به رغم كل ما جرى.  سعيدٌ لأن جهودي في الدعوة لنبذ التعصب القروي والقبلي والمناطقي والطائفي والحزبي الآيديولوجي وكل نمط من أنماط التعصب المجتمعي التقليدي الضيق واحترام سلطات المدينة العامة ومؤسساتها القضائية العادلة..

من يعيش في المدينة عليه أن يحترم نظامها العام وقوانينها السائدة،  ولا سيد في المدينة أرفع من القانون والنظام. شكرا جزيلا لكل السيدات العزيزات، والسادة الاعزاء المتضامنين مع الروضة الكندية وإدارتها المحترمة. لا خيارات في المدينة غير المؤسسات العامة والنظام العام ، ولا مجال للعصبية والطائفية والشللية في المدن..
 
 إذ أننا نعلم أن الناس بدون مؤسسات عامة، ومعايير قانونية حازمة وصارمة ، وعيونهم إلى الأرض، قد أثبتوا مراراً وتكراراً - وفي كل حقبة من حقب التاريخ انهارت فيها مؤسساتهم الرسمية   - أنهم يمكن أن يكونوا أحط من الحيوانات المتوحشة؛ لا أخلاق لهم، يحيون حياة غابية؛ كل يوم بيومه ، لا معنى لها ولا هدف غير عيش اللحظة وإشباع شهواتها  الفورية المباشرة بلا خوف من الله ، ولا خجل من الناس ، ولا تأنيب من ضمير ، ولا خشية من عقاب...

 تضامنكم جعلني أستعيد ثقتي في المدينة والمجتمع المدني في عدن ، العاصمة الواعده بكل خير وأمل..
---------------------
هامش : الدكتور قاسم عبد عوض المحبشي رئيس سابق لقسم الفلسفة ونائبا لعميد كلية الآداب في جامعة عدن .. ..وهو عضو هيئة التدريس في الاكاديمية العربية الدنماركية..واضطر لمغادرة الوطن بسبب التهديد الإرهابي الذي تعرض له واستهدفه في العاصمة عدن ..