رحمة الله عليكما أبي وأمي؛ أثمرت تربيتكما ...

رحمة الله عليكما أبي وأمي؛ أثمرت تربيتكما ...

كتب /  الدكتور قاسم عبد عوض المحبشي..*

أخوتي وأنا تربينا في عائلة لا تعرف الشتم والسب والكلمات البذيئة إذ لم اسمع أمي أبدا تشتم أو تسب أحدا في حياتها حتى حينما تكال لها الشتائم والسباب من كل حدب وصوب كانت تعجز عن الرد وطوال حياتها لم تحرضنا على أحد أو تنقص من شأنه في نظرنا حتى خصوم عائلتنا.. 

لم نراها قط الا ووجها يضيء بالبشر والسعادة حتى وهي مقعدة على فراش العجز والمرض..
وحينما كان أبي رحمة الله عليه يغضب وينفعل بشدة انفعال الرجال الأحرار لاي سبب كان ..كانت أمي تبث في بيتنا مشاعر الأمان والاطمئنان..لم تشكو يوما من قسوة أبي أو من تعب المسؤلية ولم تتبرم يوما من ضيق ذات اليد ونقص المعيشة..

 وحينما تطمئن بأننا قد خلدنا إلى نومنا يمكنها فقط بث شجونها وشكواها إلى الله سبحانه وتعالي.. تتحدث اليه بصوت خفيض وربما كانت تذرف بعض الدموع من شدة الخشوع..كما كانت تفعل رابعة العدوية...تشكو اليه وتسأله الستر والجلال والعفو والعافية..بعد ان اقعدها العجز وقد بلغت التسعين من العمر لم نسمعها يوما تتوجع من الضيق والآلم حتى وهي في أشد حالتها المرضية..
كما أنها لم تتخاصم أو تحرضنا  ضد أحد طوال عمرها..

اما ابي فكل ما أتذكره عنه هي تلك السيرة العطرة بالكفاح والكرامة والشجاعة  والصدق والشهامة والأمانة والأستقامة وتلك النصائح التي كان ينصحنا بها أنا وإخوتي ومنها : لا تخافوا  الا من ارحم الرحمين، ولا تفرحوا بمدح الناس لكم، وخير لك أن يحسدك الناس على نجاحك من أن يشفقون عليك لخيبتك .. لا تغش أحد ولا تغش نفسك، كان  يقول لنا : لا تكرهوا أحد ولا تحسدوا أحد على ما لديه، لان الحسد كالنار تحرق قلب  صاحبها..

 كما كان يقول لنا : لا تمدحوا  أحد من الناس فالمدح نفاق ولا تذموا أحد أو تشمتون بأحد لان الذم والشتم والشماتة ليس من أخلاق  الكرام !!.. لم نسمعه قط يشتم أو يسب أحد عدا في لحظات الغضب الشديد الذي يفقد فيها السيطرة على وعيه ولسانه كما هو معروف عنه..

وهذا لا يعني أننا مسالمين مع من يسيئون لنا بل يمكن أن ندمر الدنيا إذ كانت الإساءة جارحة وشديدة الخبث والهدف..وربما يعرف زملاء اخي مهندس الطيران صالح المحبشي والصفعة التي وجهها إلى قائد كتيبته السنحاني في قاعدة الديلمي بصنعاء عام 2010م بسبب إساءة مهنية وجهها له. ..

في هذه العائلة الكريمة تربينا صالح أخي واخواتي وأنا...كنا ومازلنا نعجز عن رد الشتيمة والإساءة بمثلها إذ تتلعثم السنا ولم نجد المفردات التي تسعفنا بالرد على من يشتمنا أو يسبنا كما هو موقف صالح أخي من اسوأ حملة تشهيرية عرفها مجتمعنا من المدعوة المعتوهة ( اماني علي خليل ام ليث العراقي ) التي أطلقت فريتها القذرة ضد اشرف إنسان عرفته في حياتي المهندس طيار صالح المحبشي مدير الروضة والمدرسة الكندية الدولية في عدن ومؤسس مدرسة الصداقة العربية الصينية في كوانجوا وصاحب عبارة ( المدرسة في الغربة وطن والروضة في الوطن منجم ) رحمة الله عليكما أمي وأبي رحمة الأبرار ..
-----------------
* هامش : الدكتور قاسم عبد عوض المحبشي رئيس سابق لقسم الفلسفة ونائبا لعميد كلية الآداب في جامعة عدن .. ..وهو عضو هيئة التدريس في الاكاديمية العربية الدنماركية..