وقاحة أمريكا مع القضية الفلسطينية
لا أوقح من الغرب في تعامله مع القضية الفلسطينية ؛ غيرأن وقاحة أمريكا تفوق وقاحة دول الغرب مجتمعة.
لكم تغنت أمريكا الاستعمارية ؛ بأنهاتسعى لإقامةدولتين في الشرق الأوسط ؛ طلبا لاستقراره ، وكم رددت أن الشرق الأوسط لن يستقر إلا إذا تم حل القضية الفلسطينية ؛ وذلك بإقامة دولتين ، وأنه وكماقامت الدولة الإسرائيلية ؛ يجب أن تقوم الدولة الفلسطينية.
وقبل أيام صوتت دول أعضاء مجلس الأمن في الأمم المتحدة ؛ من أجل حصول فلسطين على العضوية الكاملة في مجلس الأمن ؛ فوافق على المشروع 12 دولة من أصل 15 دولة ، وامتنع عن التصويت دولتان : بريطانيا وسويسرا ؛ بينما استخدمت أمريكا حق النقض الفيتو ؛ فأوقفت ذلك القرار ، وأجهضت ذلك المشروع ، الذي ظلت تتغنى به ؛ بل كرست الاحتلال واقعا ، وكأنها تقول أنه لاخلاص للفلسطينيين من الاحتلال ؛ وإذا كان هناك من خلاص ؛ فإنما يكون عبر أمريكا ؛ لاعبرالمؤسسات الدولية ؛ ليكون تحرر فلسطين تحررا شكليا لاواقعيا.
إن أمريكا بهذا التصرف تجعل أمام الفلسطينيين طريقا واحدا للتحرر من الاحتلال وهوطريق المقاومة ، وطريق البندقية ، ثم ترميهم بالإرهاب ، أما بالقانون الدولي فكأنها تقول لهم : إن ذلك مستحيل.
وهكذا تكشف أمريكا عن وجهها القبيح ، ووجهها الحقيقي الذي كثيرا ماتخفيه خلف مكياج التصريحات الكاذبة ؛ بالتغني بإقامة دولتين ، وحينما جاء وقت ذلك ، وصوتت دول العالم ؛ وقفت هي في وجه العالم ، وفي وجه الإنسانية ، وضد القانون الدولي الذي ينص على حرية الدول واستقلالها.
إن هذه الوقاحة من أمريكا مع القضية الفلسطينية ، وقضيةشعب محتل ؛ لم يكن الأول ؛ فقدسبق واجتمع مجلس الأمن ، وصوت على وقف العدوان على غزة ، ووقف الإبادة الجماعية ؛ غير أن أمريكا هي الدولة الوحيدة التي كانت تجهض وقف حمام الدم ، ليس لمرة واحدة ، ولالمرتين ؛ بل لثلاث مرات : الأولى : في المشروع الذي تقدمت به الإمارات.
الثانية : في المشروع الذي عدلت عليه روسيا.
الثالثة : في المشروع الذي تقدمت به الجزائر.
لقد أثبتت أمريكا فعلا وواقعا ، وبكل وقاحة وبجاحة أنهامع القتل ، وأنهامع الخراب ، وأنها مع الدمار ، وأنها مع الإبادة الجماعية.
أثبتت أنها دولة بلا إنسانية ، وبلا أخلاق ، وأنهاتدوس على القيم الإنسانية ، وتدوس على القانون الدولي ، وأنهافوق الإنسانية جمعاء ، وأن ماتعمله إسرائيل إنما تعمله لأجل أمريكا ؛ لذا وجب على أمريكا حمايتها ولو بالدوس على حقوق الإنسان ، وتعطيل القانون الدولي.
وتستمر وقاحة هذه الدولة ؛ فتعلن عن دعم كبير لإسرائيل ؛ لقتل الفلسطينيين رغم أنها تصرح أنها ضد قتل أطفال غزة ، ونساء غزة ، وضد اجتياح رفح.
غير أن تصريحاتها جوفاء وفارغة من مضمونها ؛ إذكيف تستقيم هذه التصريحات ؟! وكيف يكون لها معنى ودلالة ؛ وقد اعتمدت مبلغ وقدره 26 مليار دولار ؛
لتشتري به إسرائيل سلاحا لقتل أبناء غزة رغم كثرة القتل فيهم ؟!
ورغم وصول عدد القتلى والمفقودين منهم أكثر من 50 ألفا ، والجرحى قرابة 80 ألفا ، إلا أن أمريكا لازالت عندها شهية القتل ومفتوحة لديها كماإسرائيل.
وحتى تخفي أمريكا شهيتها في القتل ، وقبح تصرفها في دعمها إسرائيل ب26ملياردولار ؛ عملت مكياجا وهو إعلانها عن تبرعها لغزة بمليار دولار ، ولعمري إنهالقمةالوقاحة ؛ أن تدعم قاتل وتزوده بكل وسائل فناء وإبادة الآخر؛ لتدعي أنها تهب الآخر مايساعده على الحياة !
لقد أعلنت أمريكا عن دعم الموت والقتل ب26مليار دولار
في حين أعلنت عن دعم الحياة بواحدمليار دولار ،
أي نسبة 26 موت إلى 1حياة.
إن الدعم لغزة لاينفع ؛ حتى ولوكان نسبة دعمها 10ملياردولار ؛ طالما وهي تدعم الموت والقتل ولو بمليار واحد ؛ فكيف حينما يكون ب26 مليار دولار ؟!
كيف حينما يكون نسبة دعم الموت إلى نسبة دعم الحياة مايساوي نسبة 26 : 1 ؟! إنها الوقاحة.
كيف لا و من يُقتل يُقتل بأسلحة أمريكية ، وقد رأينا الأعداد الكبيرة من القتلى والجرحى.
إن أمريكا وبوقاحتها المعهودة تدعي أنها ضد القتل ، والتهجير ، في حين ماتفعله على أرض الواقع ؛ هوعكس ذلك تماما.
كماتدعي أمريكا أن أهل غزة يعانون من الجوع الذي سببه الحصار ، وبدون أن تضغط على إسرائيل في فتح المعابر ، وعدم التشديد في تفتيش الشاحنات ؛ حتى تعبر أكبر كمية من شاحنات الإغاثة ؛ تقوم تعلن عن عمل رصيف بحري ؛ لدخول أكبر كمية من الشاحنات ، وأنه باتفاق مع إسرائيل ؛ وهناينشأ سؤالا ، لماذا إسرائيل لاتقبل دخول المساعدات الإغاثية عبرالمعابر ؟! وهو الأساس ، ولدى أمريكا القدرة في الضغط عليها ؛ بحكم دعمهالها ، وهذه المعابر هي الحل الحقيقي لقضيةفك الحصار ودخول الإغاثة ؛ بينما تقبل دخول المساعدات عبر الرصيف البحري الذي لن يجهز إلا بعد أن يموت نصف الشعب؟! وما هو بحل حقيقي لدخول الإغاثة بأكبر قدرممكن؟!
إنها الوقاحة الأمريكية ؛ إذ تنشئ رصيف بحري ؛ ظاهره إدخال الإغاثة ، وحقيقته تهجير الشعب الغزاوي ؛ عبرهذا الرصيف إلى قبرص.
إن أمريكا لاتعمل خيرا قط. إنها تعمل مايخدم القاتل ؛ لا مايدفع الضرر عن المتضرر ، ولا القتل عن المقتول.
ويتظاهر طلاب الجامعات الأمريكية ؛ متضامنين مع الفلسطينيين ، ومنددين بالإبادة الجماعية ، وهذا موقف إنساني ؛ الأصل في الإدارة الأمريكية ومراكز صنع القرار فيها هو تشجيعه ، أو على الأقل تتركه يعبر عن حريته.
غير أن أمريكا وبوقاحتها المعهودة ؛ وجهت أجهزت الشرطة في قمع هذه المظاهرات في الجامعات ، وأولها الجامعة التي بدأ منها انطلاق هذه المظاهرات ، وهي جامعة كولومبيا ؛ ولأن أجهزت الشرطة في نيويورك فشلت في قمع مظاهرة جامعة كولومبيا ؛ فقد استنفرت الإدارة الأمريكية سلطاتها ، ووجهت أحد مراكز سلطاتها العليا ؛ وهو مجلس النواب ؛ فأرسلت لرئيسه بأن يذهب إلى جامعة كولومبيا ؛ ليقمع تلك المظاهرات.
فما كان من رئيس مجلس النواب إلا أن قطع مسافة كبيرة ؛ من واشنطن شرقا ، على المحيط الأطلسي إلى نيويورك غربا ؛ على سواحل المحيط الهادئ ؛ قطع كل هذه المسافة ؛ ليقمع مظاهرات طلابية ؛ أعلنت استنكارها ؛ لمايحصل من إسرائيل ، وتعاطفت مع أهل غزة الضعفاء ، ومن تم قتلهم بأسلحة أمريكا.
ولقد صمدت المظاهرة ، ومازالت ، وفشلت زيارة رئيس مجلس النواب ، ولم تصدق روايته التي رواها عن عن حماس ؛ بأنها تذبح الأطفال ؛ رغم أن هذه الرواية قدتخلى عنها بايدن ؛ لكنهاالوقاحة عنده وعند بقية أصحاب القرار الأمريكي.
إن أمريكا تدعي أنها بلاد الحريات ؛ ولكن حينما يأتي من وراءهذه الحريات الإضرار بربيبتها إسرائيل ؛ فإنهاتقمع تلك الحريات ؛ ولو كان في هذا قتل للقانون .
إنها لا تقبل لربيبتها حتى أن تشاك بشوكة ؛ فكيف أن تخرج مظاهرات ؛ تقول عنها بأنها تمارس الإبادة الجماعية بحق شعب احتلت أرضهم.
إنها وقاحة الدول ، وعهرها الأخلاقي ؛ حينما تتخلى عن الإنسانية ، وتتعرى من المبادئ ، والقيم ، و ترى نفسها فوق القانون الدولي ؛ مما يجعلها تعربد ، وتمارس مايحلو لها ؛ ولو تحدت بذلك كل العالم ، وآذت كل الإنسانية.
إن وقاحة أمريكا - وخاصة مع قضية فلسطين - هو السلوك الطبيعي لأمريكا ؛ فهذا وزير خارجيتها ؛ ذهب إلى إسرائيل بعد حادث السابع من أكتوبرمتضامنا معهم ، وقال لهم : قد أتيتكم بصفتي يهوديا ؛ لابصفتي وزيرخارجية أمريكا.
إنهاالعصبية التي تدوس على كل ماهو إنساني.
ومثله رئيسه بايدن الرئيس الأمريكي ؛ فقد أعلن أنه صهيونيا ، وإنه ليس بالضرورة أن يكون يهوديا ؛ ليكون صهيونيا ،ثم قال أيضا : ,إن إسرائيل إن لم تكن موجودة ؛ كنا سنوجدها.
إنه الذوبان في الصهيونية ، وليس التحالف فقط ؛ لذا يدعمها - وكل أمريكي في مركز القرار - دعما بلاحدود ؛ حتى قال عقب اعتماده أكبر مبلغ لدعم إسرائيل ، ولقتل الفلسطينيين :
عندما يكون حلفاؤنا أقوى ؛ نكون أقوى ،
وأكرر هذه النقطة ؛ عندما يكون حلفاؤنا أقوى نكون أقوى.
وهكذا تعترف أمريكا ، وبكل وقاحة ؛ أن إسرائيل ماهي الا ذراع لها ، وأن من يقتل أبناء غزة ؛ هي أمريكا.
محمد أحمدالمعمري