أوهام اللغة المقدسة

الجدل حول استخدام العامية المصرية في مسلسل "الحشاشين" قائم على وهم شائع انتشر حتى بين المتعلمين.

من بين الأوهام المتعلقة باللغة العربية أن العرب في الجاهلية وصدر الاسلام كانوا يتحدثون الفصحى في حياتهم اليومية!
وهذا وهم ساذج لان العرب كانت لهم لهجات كثيرة وكل قبيلة  أو منطقة كانت تتحدث بلهجتها.
إضافة الى أن الفصحى هي لغة كتابة وليست لغة حديث، ولا أظن أن الجاحظ أو التوحيدي كانا يتحدثان الفصحى في حياتهما اليومية أو مع عائلاتهما بل كان يتحدثان العامية السائدة.

أما العربية الفصحى فلم يتحدث بها الرسول ولا الصحابة ولا عصرهم لأن قواعدها لم تكتمل الا في العصر العباسي. ويرى الجابري في "تكوين العقل العربي" أن العربية، كما وضع أسسها الخليل وسيبويه، لغة مخترعة. فهي اللغة التي "هندسها" علماء اللغة وليست اللغة التي كان يتحدث بها الناس.

بل إن لغة القران نفسها ليست عربية فصحى، وهي خليط من العربية المبكرة والعامية ولغات أخرى أقدم كالسريانية.

وكتب التراث مليئة بالسخرية من النحويين (طرائف النحويين) التي تسخر من أولئك الذين كانوا يتنطعون ويتحدثون الفصحى في حياتهم اليومية.

تقديس اللغة العربية تقديسا زائفا هو الذي أقنعنا بفكرة أننا "يجب" أن نتحدث بالفصحى، وأن لهجاتنا العامية خيانة للغة "الصحيحة".
وهذا وهم مضحك لأنه لا أجدادنا الجاهليين ولا المسلمين تحدثوا بالفصحى في حياتهم العادية أو خطبهم أو مناقشاتهم، وظلت الفصحى لغة كتابة لا لغة حديث.