يكفينا فخرا اننا معلمون
يكفينا فخرا اننا معلمون، حملنا رسالة سامية ومهمة نبيلة وهي تربية النشء، وبناء أجيال على مدى أربعون عاما، من السبعينات حتى 2010م، لم نكن غير معلمين، العلم زادنا والتربية مهمتنا، ان تبني الانسان وتتعامل مع نفسيات مختلفة، ومن بيئة متنوعة، تحتاج لعقل استثنائي، وجهد مضاعف فيه نكران الذات، والكثير من التضحية، بعكس التعامل مع الالة او مع الأرقام، ومع الحجر والشجر والحيوان.
بعد التقاعد شعرنا اننا عالة على سلطة، تنظر لنا جيل لا حقوق له غير حق الدفن والمقبرة، وحتى تلك الحقوق فقدناها، جيل انتهت مهمته وعليه ان يترك المجال لغيره، لم نشعر بالوفاء والعرفان، وبدلا من ان نكرم ونعيش حياة فيها من الراحة والاستجمام، ليرتاح جسد وعقل بذل كل عصارة جهده وعلمه واقضى كل شبابه في خدمة الوطن والمجتمع والأمة، واليوم منشغل في العلاوات والتسويات والراتب الحقير والمعيشة الضنكة ، وتحولنا فجأة لطبقة تعاني ظلم وقهر وتعسف، شعرنا بالإهمال والاهانة ، كان ما يخفف من المنا هو الطالب الذي يقابلك بالشارع يوقف سيارته يقبل راسك، او يزورك للمنزل، او يقف لك اجلال واحترام، في كل سفراتي خارج البلد كان طلابي هم سندي و وزري، حتى عندما علقنا انا واسرتي في دولة الهند في زمن وباء الكرونا، كان لطلابي و أتذكر منهم سمير سعيد فارع موقف مشرف، ولم يكن الموقف الأول كان له مواقف في سفرات سابقة في تخفيف إجراءات اليمنية.
في مثل هذا اليوم 18 فبراير 2023م اتصل احد طلابي يدعوني للحضور لقاعدة نادي الميناء، اول ما توقفت بسيارتي امام القاعة ، وفتحت الباب تجمع حولي عدد من طلاب دفعة 92/93 في ثانوية 14 مايو سابقا جرادة حاليا وادخلوني القاعة بمشد مهيب، أعاد لي روحي وشعرت انني اكبر من رئيس دولة، واكبر ما صاحب سلطة، حب الناس والوفاء والعرفان، لا يمكن وصفه بغير انه عمل ملائكي، لا يقوم به الا ناس استثنائيين، وصلوا لمستوى من الرقي والوعي لحد انهم صاروا اكثر إنسانية من غيرهم، في زمن أصبحت الإنسانية عمله صعبة.
والمفاجأة انني دخلت قاعة اعادتني 35 عاما، وجدت فيها كل زملائي المعلمين وكل رفاق الرسالة، وجدتهم منهكين بعضهم لم يعد يقوى على الحركة، والبعض الاخر فقد السمع والنظر، وهناك من فقد جزءا من أطرافه بسبب داء السكر والضغط، كان لقاء حميما، قاعة تكتظ بالحب والود والوفاء والعرفان، ولكل واحد من الزملاء مكانة في الذاكرة، كلا يطبطب على الاخر ونواسي بعض، وبدأ الحفل بكلمات بأروع صورة من الوفاء والعرفان، وتقديم الهدايا التذكارية والشهادات التقديرية وظرف مالي، ويتقدم فريق من الطالبات الاجلاء بتقدم باقات الورد والحلويات و ونحن على كراسينا كضيوف اجلاء تقديرا وعرفاناً لما قدمناه في مسيرة عملنا، شعرنا اننا ملوك نتوج، في لحظة فارقة بين ما قبلها من معاناة الحياة والتقاعد وامراض الشيخوخة، كانت اغلى ما حصلنا عليه كمعلمين وتربويين، زرعنا بذور وفي هذه اللحظة نقطف ثمارها ونتذوق حلاوة تلك الثمار، انها محبة من الله قبل محبة البشر
وفي الختام اشكر طلابي وكل من رتب ونظم هذا التكريم وهذا اللقاء، لفته كريمة لم نلقاها من السلطة والتربية وزملائنا المسؤولين وطلابنا الذين في مراكز عالية في قمة هرم السلطة.
الشيء الذي أسعدني هو طلب من طلابي كلمة توجيهية، قال أحدهم اشتقت لنصائحك وتوجيهات، والقيتها بحماس من نفس مكلومة كانت دموعي طارفة ولساني تتلعثم شكرا لكل طلابي الكرام