تهامة ومخرجات الحوار الوطني !!..



يترسخ في الخطاب السياسي وفي النقاش العام طرح مفاده ان مخرجات الحوار الوطني، وما يسمى باليمن الاتحادي، تمثل الفرصة التاريخية لانصاف ‎تهامة، وان اي حديث عن فك الارتباط او الخروج عن هذا المسار يعد نسفا لتلك الفرصة واضرارا مباشرا بمصالح التهاميين. غير ان هذه الادعاءات، التي تتبناها بعض النخب التهامية، تستوجب وقفة مراجعة جادة وطرح اسئلة صريحة بعيدا عن الشعارات والتخندق السياسي.

ومن هنا تبرز التساؤلات التالية بحثا عن الحقيقة: هل انصفت مخرجات الحوار الوطني تهامة فعلا، ام انها اكتفت بمنحها مسمى بلا مضمون، وكرست مظلومية جديدة تحت لافتة مختلفة؟

هل منحت مخرجات الحوار الوطني تهامة اقليما خاصا بها كمسمى، وضمن حدودها الجغرافية والتاريخية المعروفة؟

هل تضمنت هذه المخرجات اعترافا صريحا بالقضية التهامية، واعادة المديريات التهامية التي تم اجتزاؤها وتوزيعها على محافظات اخرى؟

ام ان الامر اقتصر فقط على وضع مسمى اقليم تهامة، في حين جرى توزيع تهامة اداريا بطريقة فاقت الظلم السابق؟

من المعروف ان المخرجات تتحدث عن وجود اقليم باسم تهامة، ولكن السؤال الجوهري: ماذا يضم هذا الاقليم فعليا؟

فالاقليم المقترح يضم محافظات: الحديدة، حجة، ريمة، والمحويت. وعند النظر الى عدد المديريات داخل هذا الاقليم، ومقارنتها بعدد المديريات التهامية الحقيقية، سنجد ان المديريات التهامية لا تكاد تتجاوز ربع مديريات الاقليم، او في احسن الاحوال ثلثها، بينما يشكل الثلثان مديريات لا تنتمي جغرافيا ولا تاريخيا الى تهامة.

وهنا نكون امام حالة تفريغ لتهامة من مضمونها وتاريخها، لتتحول القضية الى مظلومية داخل مظلومية. وعند اي استحقاق سياسي او شراكة مستقبلية، لن يكون للمديريات التهامية الحقيقية ثقل فعلي، بينما ستكون الشراكة باسم تهامة، ولكن بين ابناء المديريات المضافة اليها، لا ابناء تهامة نفسها. وبذلك تفرغ تهامة من حقها الواقعي، ويختزل الامر في مجرد مسمى.

وعليه، فان مصلحة التهاميين تقتضي اعادة التفكير بعمق: هل مخرجات الحوار الوطني تعطي تهامة كامل جغرافيتها التاريخية وكامل حقوقها؟

ان كانت الاجابة نعم، فمن حق التهاميين التمسك بتلك المخرجات. اما ان كانت هذه المخرجات تفرغ تهامة من مضمونها وتاريخها، فان المصلحة تقتضي دعم المشروع الجنوبي، لا لانه ينصف تهامة بشكل مباشر، بل لانه قد يهيئ الظروف لاستعادة تهامة بجغرافيتها التاريخية وحقوقها المسلوبة.

ولهذا، يصبح من الضروري اليوم ان نحدد بوضوح: اين نقف، والى اين نريد ان نكون؟....