تمويل ضخم من هولندا لمركز صنعاء: تساؤلات حول فعالية “سلام بلا أثر”....
منبر الاخبار / خاص
في ظل استمرار تصنيف اليمن كواحدة من أفقر دول العالم وتدهور مؤشرات الأوضاع الإنسانية، تكشف وثائق مالية ارتفاعًا كبيرًا في تمويل مخصص لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية من الحكومة الهولندية بموجب برنامج يحمل شعار “دعم السلام”. هذا الإنفاق الضخم يثير تساؤلات جدية حول مدى جدواه وتأثيره الفعلي على الواقع المحلي.
بحسب بيانات رسمية، حصل المركز منذ توقيع الاتفاقية في 11 يونيو 2022 على تمويل يقدر بـ أكثر من 10.49 مليار ريال يمني (ما يقارب 5.6 مليون يورو) من وزارة الخارجية الهولندية.
بلغت ذروة الالتزامات في عام 2022 نحو 3.77 مليون يورو، ثم تراجع التمويل تدريجياً في الأعوام التالية، مع توقعات بوصوله إلى حوالي 205 آلاف يورو بحلول 2026.
أما الإنفاق الفعلي حتى عام 2025، فقد بلغ نحو 5.08 مليون يورو.
تأتي هذه المنحة ضمن اتفاقية شراكة لمدة أربع سنوات بين مركز صنعاء والحكومة الهولندية بعنوان “دعم السلام المحلي الشامل والمستدام في اليمن”.
الأهداف المعلنة والهيكل التنظيمي
وفقًا لما صرح به رئيس المركز ماجد المذحجي عند توقيع الاتفاقية، فإن المشروع يهدف إلى تعزيز مشاركة محلية في عملية السلام باستخدام نهج تصاعدي وشامل يأخذ في الاعتبار البعد الجندري.
من بين الأهداف التي أعلنها المركز أيضًا:
إقامة منابر يمنية لصياغة السياسات ودعم القدرات،
المساهمة في التأثير على صنع القرار محليًا ووطنياً ودوليًا،
دعم مبادرات المسار الثاني بين الشباب والمجتمع المدني،
تأهيل أجيال جديدة من المحللين اليمنيين.
منتدى لاهاي 2023: إنفاق ضخم وجدل واسع
أحد أبرز مظاهر التمويل هو منتدى اليمن الدولي بنسخته الثانية، الذي نظمه مركز صنعاء في لاهاي بين 12 و15 يونيو 2023.
تشير الأرقام إلى إنفاق ما يعادل حوالي 3.7 مليار ريال يمني على الفعالية.
من ذلك، خصص نحو 1.807 مليار ريال لمشاركة نحو 150 مشاركاً يمنياً — أي ما يقارب 12 مليون ريال لكل مشارك خلال ثلاثة أيام فقط.
بالإضافة إلى ذلك، تم دفع رواتب لفريق من 20 موظفًا لمدة 13 شهرًا، بقيمة 459 ألف دولار، أي ما يعادل حوالي 741 مليون ريال.
المدير التنفيذي للمنتدى تلقى ما يقرب من 153 مليون ريال، فيما تقاضى مدير المشروع حوالي 77 مليون ريال.
أما التكاليف المتعلقة بالسفر والإقامة والتأشيرات للمشاركين فبلغت أكثر من 1.1 مليون دولار، إلى جانب نفقات لتنظيم التحضير والورش والمشاورات الدولية.
الانتقاد: عناوين واسعة دون نتائج واضحة
رغم أن المشاريع تحمل لغة كبيرة عن “بناء قدرات السلام” ودعم “المسارات المحلية”، فإن مراقبين يرون أنها تعتمد كثيرا على رؤية نظرية بعيدة عن الواقع. بعض الباحثين وأصحاب المصلحة يرون أن هذه المشاريع تُعرض بشكل جذّاب، لكنها تفتقر إلى خطة تنفيذية واقعية، ولا تُترجم إلى نتائج ملموسة تخدم أكثر الفئات تضرراً بفعل الحرب.
بالتالي، هناك شعور بأن التمويل يتم “تدوير الأفكار ذاتها” تحت أسماء وشعارات جديدة، دون تأثير حقيقي على حياة الناس أو قدرتهم على الصمود.
السياق الأوسع: أزمة فعالية المساعدات
هذه القضية ليست منعزلة عن النقاش الأوسع حول فعالية المساعدات الدولية لليمن. فبالرغم من ضخّم الدعم في مجالات السلام والتنمية، لا يزال الواقع على الأرض يظهر فجوة كبيرة بين المال الموجه والمؤشرات المعيشية أو السلام الدائم.
يُطرح تساؤل مهم: هل تُخصص هذه الأموال لصالح التحول التنموي الحقيقي أم أنها تذوب في نفقات “البروتوكول والتنظيم”؟
خلاصة: الأرقام الرسمية تُظهر أنّ مركز صنعاء للدراسات تلقى تمويلاً هولنديًا كبيرًا يثير تساؤلات حول الشفافية والفعالية، لا سيما مع إنفاق ضخم على منتديات دولية وكوادر إدارية، بينما لا توجد مؤشرات واضحة على تغيير بهيكل قوي في حياة اليمنيين المتضرّرين من الحرب...



