وقفة مع مسح البرنامج الغذائي العالمي
كتب | محمد العياشي alayashi2017@
يستبعد البرنامج الغذائي العالمي الأسرَ التي تُدَرِّس أبناءها في مدارس خاصة، بناءً على افتراض قدرتها على توفير الاحتياجات الأساسية. لكن هذا المعيار يتجاهل حقيقة أن العديد من الأسر تتحمّل تكاليف إضافية للتعليم في ظل ندرة المدارس الحكومية أو تدني جودة التعليم فيها. كما أن هذا النهج يحمل مفارقة كبيرة، حيث يحرم الأسر الساعية إلى توفير التعليم المناسب لأبنائها من المساعدة الغذائية. وكأنه بهذا المعيار: إذا تتعلم، فأنت محروم من السلة الغذائية!
أليس الأولى أن نعزز الجوانب الإيجابية المجتمعية ونستبعد الجوانب السلبية المجتمعية، مثل المدمنين على تناول السجائر أو الشمة والقات؟ وقد ذكرتُ هذا على سبيل المثال لا الحصر، فهو أولى وأحسن.
وكذلك يستبعد البرنامج الأسرَ التي تمتلك وسائل نقل (باص، سيارة، أو زورق صيد). لكن هذا المعيار لا يميز بين امتلاك وسيلة النقل كرفاهية وامتلاكها كأداة عمل ضرورية للرزق. فالعديد من الأفراد يعتمدون على هذه الوسائل في كسب قوت يومهم، خاصة بين النازحين والفئات الهشة.
وشرعياً، امتلاك الوسيلة لا ينفي الحاجةَ، وتشير الآية الكريمة في سورة الكهف: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} إلى أن امتلاك وسيلة العمل (السفينة) لم يمنع وصف أصحابها بالمساكين. وهذا يؤكد أن الملكية الظاهرية للأدوات الإنتاجية لا تعني بالضرورة الغنى، بل قد تكون مصدر الرزق الوحيد لأصحابها.
أما قضية التصنيف الاجتماعي من "المهمشين" إلى "اليمنيين"، فقد استحسنتُ تطبيقَ مسح البرنامج الغذائي حين طلب الجواب على السؤال من خلال الملاحظة وليس الرد. لكنني أختلف مع استخدامه مصطلح "المهمشين"؛ لكون وجوده في الاستبيانات إشكالية كبيرة، فهو يحمل دلالات تمييزية وتصنيفية. وكما يشير الشيخ الدكتور فضل مراد، فإن مثل هذه المصطلحات تساهم في تعميق الفجوات الاجتماعية. والحل الأمثل يكمن في التعامل مع هذه الفئات كمواطنين يمنيين، ودعمهم للاندماج الكامل في المجتمع.
وأرى أن على الوحدة التنفيذية في المحافظة والشريك المنفذ للبرنامج أن تطالب البرنامج الغذائي العالمي بمراجعة دائمة لمعايير الاستبعاد في البرامج الإنسانية، حتى تتوافق مع الواقع المعيشي وتتجنب الأحكام المسبقة، مما يضمن وصول المساعدة إلى مستحقيها فعلياً، ويعزز قيم العدالة والمساواة.



