نحـن شـعبٌ يستحـق الحـياة الكريـمة
فـي هـذا الركن الجنوبي من جغرافيا الجزيرة العربية، يعيش شعبٌ عريق، صابرٌ على ما لا تُطيقه الجبال، يتكئ على حضارةٍ ضاربةٍ في جذور التاريخ، ويقف على أرضٍ تزخر بالثروات والخيرات، في سطحها وباطنها؛ ومع ذلك، ما زال يفتقد أبسط ما تستحقه الشعوب "السـلام والعـيش الكـريم".
لـقد عـلّم الشعب اليمني العالم معنى الصبر والثبات في مواجهة المحن، فلم تنل منه الحروب ولا الأزمات، ولم تُثنه الانقسامات ولا التحديات عن تمسكه بأرضه وكرامته؛ لكنه في الوقت ذاته لم يعد يقبل أن يظل رهينةً للأزمات، أو وقودًا لصراعاتٍ لا تنتهي.
واليـمن ليست مجرد أرضٍ غنيةٍ بالثروات والإمكانات، بل هي أيضًا دولة إسـلام وسـلام، دولةٌ توفي للذين يمدّون لها يد العون وتنصرهم، دولةٌ قال عنها أفضل خلق الله، النبي محمد ﷺ، إنها بلدُ الإيمان والحكمة والمدد؛ وهذه بحد ذاتها شهادةٌ نبويةٌ عظيمةٌ ترفع من مكانة اليمن وأهله بين الأمم.
اليـمن ليس بـلدًا فقيرًا كما يُراد تصويره، بل هو بلدٌ غنيٌ بموارده، بثرواته الطبيعية والمعدنية، بسواحله الطويلة وموانئه الاستراتيجية، بجباله الشامخة ووديانه الخصبة، وبعقول أبنائه المبدعة القادرة على البناء والتعمير؛ وكل ذلك يؤكد أن اليمني يستحق أن يعيش كما يعيش أشقاؤه في دول الجوار، حياةً مستقرةً يسودها الأمن وتزدهر فيها التنمية.
إن حـق الشـعب اليمني في السلام ليس منّةً من أحد، بل هو استحقاقٌ أصيل كفلته له المواثيق والقوانين الدولية، وفرضته قيم العدالة والإنسانية؛ وإذا ما تحقق السـلام، فـإن هذا الشعب الصابر قادرٌ على أن يحوّل بلاده إلى واحة ازدهار، ومركز إشعاعٍ اقتصادي وثقافي في المنطقة.
اليـمن اليوم يقف على مفترق طرق؛ إما أن يُترك ليدور في فلك المعاناة، وإما أن تُمنح له الفرصة ليستعيد مكانته الطبيعية كأرض الحضارة والكرامة؛ والرهـان الأكبر يبقى على إرادة أبنائه الذين، مهما طال ليل المحنة، يصرّون على أن يشرق فجر الحرية والكرامة ذات يوم.
فـالشـعب اليمـني الذي صبر كل هذا الصبر، وصمد كل هذا الصمود، يستحق أن يُكافأ بـسلامٍ عـادل، وعيشٍ كريم، وحياةٍ تليق بتاريخه العريق وخيراته الوفيرة.
د. هـاني بن محمد القاسمي
عـدن: 5. سبتمبر. 2025م
.