الرقـي بالوطـن "بين مسؤولية الانتـماء وواجـب البـناء"
الوطـن ليس مجرد رقعة جغرافية نعيش فوقها، بل هو هوية وانتماء ومسؤولية جماعية تجاه الأرض والإنسان والتاريخ.
ولـذا؛
فإن الحديث عن الوطن يستلزم بالضرورة استحضار قيم الحب والولاء والوفاء، ونبذ كل عناصر الكراهية والحقد والعمالة والاسترزاق التي مزقت نسيج المجتمع وأعاقت خطواته نحو المستقبل.
إن حـب الوطـن لا يكتمل بالشعارات وحدها، بل يتجلى في السلوك والممارسة اليومية، في حماية مكاسبة وصون كرامته، وفي استبدال منطق التناحر والصراع بمنطق التعاون والتكامل؛ فالوطن الذي مزقته الحروب والانقسامات بحاجة إلى مشروع وطني جامع، يقوم على إعادة الثقة بين أبنائه، وتفعيل روح التضامن الاجتماعي، واستدعاء القيم الأصيلة التي طالما شكّلت حصنه المنيع أمام كل التحديات.
ولـعل أهـم ما يحتاجه الوطن في هذه المرحلة الحرجة هو التعاون على تصحيح الأخطاء، وإعطاء الفرصة لأولئك القادرين على البناء والترميم، بعيدًا عن منطق الإقصاء أو اجترار الماضي.
إن إعـادة إعـمار الوطن لا تعني فقط ترميم البنية التحتية أو إصلاح الاقتصاد، بل تشمل أيضًا إعادة بناء الإنسان اليمني فكريًا وثقافيًا، واستنهاض روح الإبداع والإنتاج لديه، بما يحقق تنمية شاملة توازي تطلعات الأجيال القادمة.
والرقـي بالـوطن في هذه المرحلة لا يمكن أن يتحقق من دون استدعاء طاقات الشـباب وإشراكهم في صياغة القرار، فهم ليسوا مجرد فئة عمرية عابرة، بل هم الحاضر النابض والمستقبل الواعد.
إن استبعادهـم أو تهـميش دورهم، يعني إفراغ المشروع الوطني من أهم ركائزه، فهم الأقرب فكريًا لتطلعات شباب الغد، والأقدر على حمل رؤى التجديد والإبداع بما يضمن انتقالاً سلسًا نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.
إنـنا أمـام لحظة تاريخية فارقة؛ إما أن نستسلم لدوامة التشتت والخذلان، أو نرتقي إلى مستوى التحدي ونجعل من معاناتنا دافعًا لإعادة البناء.
فالـوطن يستحق أن نصونه، ويستحق أن نرتقي به جميعًا، لأنه ببساطة هو بيتنا الكبير الذي إن سقط سقطنا جميعًا، وإن نهض نهضنا معه.
د. هـاني بن محمد القاسمي
عـدن: 26. أغسطس. 2025م
.