الارتفاع المفاجئ لقيمة الريال اليمني: تعافٍ حقيقي أم فخ اقتصادي؟
شهدت العملة الوطنية خلال الأيام الأخيرة ارتفاعًا مفاجئًا وملحوظًا في قيمتها مقابل العملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار الأمريكي والريال السعودي، هذا التغير المفاجئ أثار دهشة الشارع اليمني، وأطلق سيلًا من التساؤلات حول أسبابه الحقيقية وما إذا كان يعبر عن تعافٍ اقتصادي فعلي، أم أنه مجرد فخ مؤقت الهدف منه سحب العملة الأجنبية من السوق..
الغريب في الأمر أن هذا التحسن لم يصاحبه أي إعلان رسمي من البنك المركزي اليمني أو الحكومة الشرعية يفيد بتلقي وديعة مالية أو دعم خارجي كبير، كما لم يعلن عن تنفيذ سياسات نقدية حقيقية مثل ضخ العملة الأجنبية أو تقليص الكتلة النقدية المحلية، الأمر الذي يجعل هذا الارتفاع غير مدعوم بأساس اقتصادي متين..
يشير العديد من المحللين الاقتصاديين إلى أن ما يحدث قد يكون فخًا اقتصاديًا مدبرًا لسحب العملات الصعبة من السوق، خاصة وأن ذلك يجري في ظل غياب سياسة نقدية ثابتة أو دعم خارجي، وبالتالي قد يعاود الدولار الارتفاع سريعًا بمجرد تحقيق الهدف الذي يقوم على استنزاف ما تبقى من العملة الصعبة في جيوب الناس..
السيناريوهات المحتملة
١.السيناريو الإيجابي: هناك دعم مالي خفي أو إجراءات أمنية قوية ضد المضاربين والعمل في السوق السوداء، مما أدى لتحسن مؤقت في قيمة الريال وهذا سيناريو مستبعد.
٢.السيناريو الأكثر ترجيحًا: ما يحدث هو تدخل مفاجئ ومؤقت من أطراف غير رسمية، ربما بضخ محدود للدولار بهدف سحب مخزون العملة الصعبة لدى المواطنين، ثم إعادة تعويم السوق وعودة الدولار للارتفاع، هذا سيحقق مكاسب كبيرة لتلك الأطراف على حساب المواطن العادي.
٣.السيناريو الأسوأ: قد يكون الأمر مجرد لعبة نفسية مؤقتة، دون وجود أي تغيير حقيقي في التوازن النقدي، وستتبع هذا الانخفاض موجة تضخم جديدة وانهيار أكبر في سعر الريال بمجرد انتهاء التأثير المؤقت.
أين دور الحكومة والبنك المركزي؟
حتى الآن، لم يصدر أي توضيح رسمي من البنك المركزي في عدن أو من وزارة المالية بشأن هذا التغير، فعدم صدور بيان واضح يزيد من الشكوك، ويضعف ثقة المواطنين في النظام النقدي، ويجعلهم عرضة للتقلبات والتحايلات المالية..
الخلاصة:
الارتفاع المفاجئ لقيمة الريال اليمني ليس طبيعيًا في ظل غياب أي مؤشرات اقتصادية حقيقية تدعمه، بل على العكس، قد يكون خطوة تكتيكية تهدف إلى سحب العملة الصعبة من المواطنين تحت غطاء “تحسن العملة”، لتعود بعدها السوق إلى وضعها السابق وربما أسوأ..
يبقى على المواطن اليمني أن يتعامل بحذر، وألا ينجر وراء هذه التغيرات العشوائية دون وجود رؤية واضحة أو ضمانات اقتصادية حقيقية وفي الوقت نفسه، يظل من واجب الحكومة والبنك المركزي تقديم تفسير شفاف وعاجل لما يحدث، لحماية السوق المحلي من فوضى مضاعفة..