في الثامن من محرم ميلاد جديد وتجديد نية

كتب|محمد العياشيalayashi2017@
اليوم هو الثامن من محرم، الساعة العاشرة صباحا، مناسبة خاصة بالنسبة لي، فهو يوم ميلادي. ومع كل عام جديد، أجدني لا أحتفل بمرور السنوات بقدر ما أتأملها، أراجع فصولها، وأجدد نيّتي في عامي القادم. فأقول: اللهم إني استودعتك عامًا مضى من عمري، وأرجوك أن تجعله شاهدًا لي لا علي. اللهم اجعل عامي الجديد بداية خير، وانطلاقة أمل، وعمرًا تزداد فيه أحلامي وضوحًا وتحقيقًا. اللهم عام بلا فقد، ولا خيبة، ولا حزن.
ولدت في عزلة بني عياش، مديرية وصاب، في مكان بسيط، لكنه حملني إلى حياة مليئة بالدروس والتحولات. واليوم، وأنا أستقبل عامًا جديدًا من عمري، يتقاطع هذا الميلاد الهجري مع ذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، في واحدة من أعظم التحولات التاريخية التي غيّرت مسار أمة، وعلّمتنا كيف تكون الحياة مشروعًا للهجرة نحو الأفضل.
حين أراجع عامي الذي انقضى، أستحضر حديث النبي صل الله عليه وسلم: "من استوى يوماه فهو مغبون". والغبن هنا لا يقتصر على الخسارة المادية، بل هو خسارة النفس حين تمضي أيامها بلا مراجعة ولا تطور، مجرد نسخ مكررة من الروتين والانشغال.
كثير من الناس يعيشون على وتيرة واحدة، حتى يفقدوا أثرهم في من حولهم، ويغرقوا في عزلة صنعوها بأيديهم. وأنا لا أريد أن أكون منهم.
الناس ليسوا كما يبدو ظاهرهم ، قرأت ذات مرة في «صفوة الصفوة» لابن الجوزي: احذر أن تكون ثناءً منشورًا وعيبًا مستورًا.. إنما العبرة بمن أنت عند الله.
وهذا ما ثبت في قلبي مع مرور السنين: لا تهم الصورة التي يراني بها الناس، بل حقيقتي عند الله. فكم من إنسان مجهول في الأرض، معروف في السماء.
لهذا كان هدفي الدائم أن أكون مؤثرًا في الخفاء، صادقًا في العطاء، وأن أطلب القبول من الله لا من الناس.
لقد مضت من عمري ثلاثة عقود، شهدت فيها السلم والحرب، الاستقرار والنزوح، اختبرت تناقضات الحياة، وكان الله دائمًا هو السند، وهو الرفيق في كل حال.
اللهم اجعل عامي هذا عامَ خيرٍ وبركةٍ وسعادة، عامًا أطيل فيه عمري في طاعتك، وتُصلح لي فيه ديني ودنياي وآخرتي، وتجعلني فيه جابرًا لخواطر من حولي، صادق الأثر، حسن الخاتمة، ومن أهل الفردوس الأعلى.