جائزة “العر” تضيء درب النجاح لطالبتين من ذوي الهمم في يافع...

جائزة “العر” تضيء درب النجاح لطالبتين من ذوي الهمم في يافع...

منبر الاخبار / خاص

في مشهد مؤثر، يفيض بمعاني الإرادة والانتصار على التحديات، كرّمت لجنة جائزة “العر للإبداع وخدمة المجتمع” هذا العام 2025م، طالبتين من ذوي الهمم، هما الشقيقتان عطاء ونعمة صالح محمد عطاف، اللتان استطاعتا أن تتجاوزا إعاقتهما الخُلقية، وتلتحقا بالتعليم الجامعي بعد سنوات من الكفاح والتفوّق، بدعم أسري استثنائي ومجتمعي مشجّع.

وجرى التكريم ضمن فعاليات مهرجان الموَسطة التراثي بمديرية الحد – يافع، محافظة لحج، حيث صعدت الشقيقتان إلى منصة الجائزة وسط تصفيق حار من الحضور، يتقدمه والدهما الطبيب الدكتور صالح عطاف، الذي قدّم نموذجًا نادرًا في الرعاية والدعم، من دون كلل أو تردد.

تحديات الطفولة وبدايات الطريق

تنحدر الشقيقتان من قرية قريظة، وقد ولدتا بإعاقة خلقية شملت قصر القامة وقصر الأطراف، وتشوهات في الأصابع، إلا أنهما تمتعن بقدرات عقلية وحسية سليمة، دفعت أسرتهما إلى التمسك بأمل التعليم والانخراط المجتمعي، رغم صعوبة التضاريس وضعف إمكانات المنطقة.

التحقتا في سن مبكرة بمدرسة “رابعة العدوية” بقريتهما، وتكفّلت الأسرة بإيصالهما يوميًا إلى المدرسة، رغم مشقة المسافة، وعدم توفر وسائل نقل مناسبة. ومع مرور الوقت، أصبحتا قادرتين على الذهاب مشيًا، في تحدٍ جسدي ونفسي قلّ نظيره.

اجتياز المرحلة الثانوية والانتقال للجامعة

وبإصرار لافت، واصلتا تعليمهما حتى نالتا شهادة الثانوية العامة، ثم قررت الأسرة دعم طموحهما الجامعي، فالتحقتا خلال العام الدراسي 2024–2025م بـ كلية يافع الجامعية – قسم الحاسوب، لما يوفره من بيئة أكاديمية مرنة، واعتُبر القسم الأنسب لحالتهما الجسدية، حيث لقيتا دعمًا من عمادة الكلية والطواقم الأكاديمية، واندماجًا مميزًا مع زميلاتهما.

ورغم محدودية الحركة، أثبتت الشقيقتان أن الإعاقة لا تعني الانعزال أو التقصير، إذ أظهرتا كفاءة في الشؤون المنزلية أيضًا، من طهي وتنظيم وإدارة شؤون البيت، مما يعكس تربية أسسها الاعتماد على الذات، والثقة في النفس.

تكريم يحمل أكثر من رسالة

تكريمهما بجائزة “العر” ليس مجرد احتفاء بإنجاز أكاديمي، بل هو إشادة بمسيرة نضال طويلة، واعتراف رسمي بقيمة الدعم الأسري، وتقدير لمفهوم “التعليم الدامج”، الذي يوفر فرصًا متساوية لذوي الهمم.

وقد قالتا في كلمتهما المشتركة خلال لحظة التكريم:
“لم تكن الإعاقة يومًا عائقًا أمام طموحنا، فالعقل والفكر هما أساس القوة. وها نحن نواصل تعليمنا الجامعي بإصرار، ونحلم بنيل الشهادة والمشاركة في خدمة مجتمعنا.”

كما عبر الحضور، خلال التكريم، عن إعجابهم العميق بعزيمة الشقيقتين، وامتنانهم لما قدمه والدهم الدكتور عطاف، الذي رافقهما في كل مراحل الرحلة، مؤمنًا بحقهما في حياة كريمة، وتعليم متكافئ، ومستقبل واعد...

تقدير مستحق.. ودعوة للاستلهام..

إن هذه القصة تضيء جانبًا ناصعًا من واقع ذوي الهمم في المجتمعات الريفية، حيث التحديات مضاعفة، والدعم غالبًا محدود. غير أن الإرادة إذا ترافقت مع رعاية أسرية صلبة، ومجتمع واعٍ، يمكن أن تفتح الطريق أمام قصص نجاح تُلهم الجميع...

وتستحق أسرة آل بن شيهون، راعية الجائزة، التقدير على هذا الاختيار النبيل، الذي يرسّخ رسالة إنسانية تقول:
“إن الإعاقة ليست نهاية الطريق، بل بدايةٌ جديدة لمن يملك العزيمة والدعم الصحيح.”..

وفي ختام هذه القصة التي لا تزال تُكتب، تبقى عطاء ونعمة شاهدتين حيتين على أن الإنجاز لا يُقاس بالجسد، بل بالإرادة. وأن أي مجتمع ينشد النهوض، عليه أن يلتفت لأمثالهما لا بالشفقة، بل بالفرص...

المصدر النقابي الجنوبي ...