حرب خدماتكم لن تُركع الجنوب.. من قاتل معكم بالأمس، اليوم يقاتلكم...


الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب


في خضم ما يُروَّج له على أنه "إصلاح اقتصادي"، وما يُفرض على الواقع الجنوبي من أزمات معيشية متعاقبة، تبرز الحقيقة المُرَّة: أن حرب الخدمات ليست صدفة، بل سياسة ممنهجة.
تُقطَع الكهرباء، ويُجفَّف الوقود، وتُحاصر الرواتب، ويُرهَق المواطن الجنوبي تحت سيف "الشرعية اليمنية" التي يفترض أنها تمثله، فيما يبدو أن الجنوب ليس سوى حقل تجاربٍ لسحق الإرادة الشعبية، وتركيعه بالإفقار والتجويع.

من خان من؟

قد يقول قائل: هذا وضع عام، الكل يعاني... ولكن الفرق أن الجنوب قد قاتل... سالت دماؤه في كل جبهة، سقطت رايات الحوثي في العاصمة عدن وأبين وشبوة والضالع ويافع ولحج بفضل رجال الجنوب، لا بفضل البيانات الدولية أو التغريدات الرئاسية.
الجنوب قدَّم، وضحى، ووقف في صف التحالف العربي دفاعًا عن "مشروع الدولة". 

لكن ماذا جنى؟ 

حصار خدماتي ممنهج، وتضييق إداري، وتهميش سياسي، وكأن لسان حال صُنَّاع القرار يقول: أبكوا بصمت، أو سنقطع عنكم ما تبقّى من شريان الحياة.

من قاتل معكم بالأمس، اليوم يقاتلكم:
إن ما نراه اليوم ليس مجرد غضب شعبي، بل تحوُّل استراتيجي في المزاج الجنوبي... فالمواطن الذي كان يرفع علم التحالف قبل سنوات، اليوم يرفعه ككفن على جثمان الأمل... الناس في الشوارع لا يهتفون ضد الحوثي فحسب، بل ضد رموز الفساد في مؤسسات "الشرعية اليمنية"، وضد لعبة التجويع التي يُستخدم فيها الخبز كسلاح، والوقود كقيد، والكهرباء كعقوبة جماعية.

الجنوب لا يُركع:
إذا كان الهدف من حرب الخدمات هو إرغام الجنوبيين على التنازل عن حقهم في تقرير مصيرهم، فإن هذا الرهان خاسر.
لقد جُرّبت الحرب العسكرية، وفشلت... وها هي تُجرَّب الحرب الاقتصادية، ولن تُجدي... قد يجوع الجنوبي، لكنه لن يبيع قضيته... قد يُنهك، لكنه لا يركع... وهذا ما لم يفهمه حتى اليوم من يعتبرون أن "الولاء" يُشترى ببطاقة تموينية، أو راتب متأخر.

ختامًا:
ما يحدث اليوم ليس مجرد فشل حكومي، بل هو عداء مقصود، سياسة عقاب جماعي، وجريمة أخلاقية وإنسانية.
والدرس الأهم هو: من لا يحترم من قاتل معه بالأمس، عليه أن يتوقع أن يراه اليوم في الضفة المقابلة، مقاتلًا ضده بكل ما تبقى من كرامة وقوة. .