انت مع الميسري ؟!


في الوقت الذي  تعيش فيه عدن حالة إحتقان غير عادية نجد حالة صمم مؤلمة من القابضين على الأرض ، التآمر في أعلى درجاته موجه جنوبا وشرقا ، وهروب الحوثيين بعيدا نحو غزة لن يغير من خارطة التقسيم الجديد للمنطقة ، ولن يكسبوا منه إستحقاقات سياسية لجماعة مصنفة انها
إرهابية .
السعودية والإمارات خرجتا بأعجوبة من مستنقع اليمن ، وسقط الحوثيين في جميع معاركهم باتجاه الجنوب سابقا و اليوم ،  الإنتقالي الجنوبي أعلن فيما مضى  الإدارة الذاتية فتم مكافأته بحقائب وزارية واعاد الإيرادات المالية إلى مسارها في البنك المركزي بدلا عن الحساب الخاص الذي  فتحه في البنك الاهلي .
لم تعد عدن آمنة لإعتبارات كثيرة إنتشار المخدرات وغياب التعليم وتدهور الخدمات الصحية وعدم صرف رواتب الموظفين وغلاء فاحش أثقل كاهل الأسر ، وفي سابقة لم تعهدها عدن خرجت النساء ، فغطت أعدادهن ساحة العروض في خور مكسر ولحقهم الرجال بأيام في نفس الساحة فأنتهت مظاهرة الرجال بمنع التظاهر في عدن .
 عندما تنظر إلى وجوه النساء تجد أنها  رسمت بالعفة والتعلم والوعي والثقافة والشعور بالخطر وقسوة المعيشة ، وكثير منهم قيادات تربوية وتربويات فاضلات و اكاديميات و محاميات  ، هذا الكم الهائل من النساء دفعوا منهن فلذات أكبادهن لتحرير عدن ، ومنهم من دفنت جثث أبناءها في قاع البيوت أثناء قتالهم الغزو الحوثي العفاسي .
لم يترك الإنتقالي الجنوبي له بصيص من العذر ، هناك سخط شعبي عارم لسياساته وتحالفاته وخطواته ، و متهم بقوة شعبية أنه شريك في الفساد وإذلال الجنوبيين ، والقوة اليمنية المعارضة للإنفصال المتغلغلة سياسيا في المشهد استطاعت أن تدير المعركة السياسية وتضعف من حضوره  في جميع محافظات الجنوب ، واستنهضت قوة شعبية جنوبية معارضه له في معقله الرئيس عدن ، هذا الأمر فيه كثير من الخطر على حضور القضية الجنوبية وقوتها .
معلوم أن القوى اليمنية المتغلغة في الشرعية اليمنية هي قوة تمثل خليط سياسي غير منسجم ، ومجمل هذه القوى اذرع سابقة لقوة عسكرية أو عائلية أو مشيخية ، ويتحركون وفق مصالح شخصية للثراء والحكم ، وعلى طول هذه المصالح تساقط الكثير منهم ، وسقطت أرضهم في قبضة استعمارية إيرانية مدمرة ، وطاقات الشباب وجهت هناك مابين ملازم العبودية ونشر الفوضى والقتال غير المتوقف .
الوضع الكارثي في اليمن ، واللحمة السياسية المتغلغلة في الفساد واللادولة - خصوصا أن الجنوبيين قد عانوا ويلاتها - تحتم إيجاد مخرج حياة للجنوبيين من ذلك  خصوصا أن القمة والقاع في اليمن لا يتكرثون بمسمى وطن ، وينتشرون للحياة في أي بقعة للعيش ، اتجهت الأقلام اليمنية تهاجم دعم السعودية للسلطة الانتقالية في سوريا ، السعودية مارست حضورها الدولي لرفع العقوبات لا غير لكنها قدمت المال والسلاح والمأوى لليمنيبن فكانوا أكثر إيلاما وخيانة للمملكة .
يدرك العقلاء أن حضور القضية الجنوبية طاغي في المشهد السياسي ، ولن تكون بالمطلق فرع وأصل أو أنها كباقي القضايا كزواج القاصرات أو الزواج الأجنبي من اليمنيات التي تفشى ، الخارطة السياسية والعسكرية في الجنوب اقوى مما هو متواجد في أيدي اليمنيين ؛ لكنها الخطوات السياسية المؤلمة والحفاظ على القوة للحظات المواجهة الحقيقية التي لم  تبداء المعركة .
ويمارس اليمنيون بشقيهم الحوثي والشرعي قتال موجه لإضعاف القوة الجنوبية وارباكها على الأرض ، والكثير إن لم نجانب الصواب مجملهم يعتبرون ادارته الحوثي للدولة استحقاق ناله بما قدمه من الدم ، ولا يجرؤن على مناجزته عسكريا بالمطلق ، وأمام هذا التسليم يتعين على قيادة الإنتقالي الجنوبي وضع مراجعات ومعالجات عنيفة بداخلها وفي تحالفاتها ومع داعميها تصب في بسط قبضتها بقوة على مفاصل القرار ، وتعزز قبل ذلك من استعادة اللحمة الجنوبية التي باتت على صفيح ساخن من التمزق ، ومؤشرات ذلك لا تحصى لكنني أذكر أنه نالي خطاء خطير على طاولة في إحدى كافيهات القاهرة عندما كنت  أتحدث مع صديق واذا بصوت قادم من طاولة أخرى ينعتني :  هل انت مع الميسري ؟ .. سببها اللهجة رغم أن الميسري لم يكن حاضر بالمطلق  !.