المرحلة الراهنة والحاجة لتعزيز الوعي الذاتي والمجتمعي
يُعدّ الوعي من أهم الركائز في الحياة، إذ يحظى بأهمية بالغة في حياة الفرد والمجتمع على حدٍّ سواء. ويتجلى ذلك في وعي الإنسان بذاته، وفهمه لسلوكياته، وقدرته على اتخاذ قرارات صائبة في مسار حياته، وكذلك في تفاعله مع الآخرين داخل المجتمع، وبنائه لعلاقات إنسانية متوازنة وصحيحة. كما يشمل الوعي تنمية الحس بالمسؤولية تجاه البيئة التي يعيش فيها، بما تحويه من موارد طبيعية ومقدرات، والحفاظ عليها لصالحه ولصالح الأجيال القادمة، إضافةً إلى إدراكه للأحداث والوقائع المحيطة، وقدرته على قراءتها وتحليلها والتعبير عن رأيه بشأنها.
في المقابل، فإن نقص الوعي يمثل غيابًا أو ضعفًا في إدراك الفرد لذاته ولمجتمعه ومحيطه، ما ينعكس سلبًا على الصعيدين الذاتي والمجتمعي. فعلى المستوى الشخصي، يؤدي ضعف الوعي إلى اتخاذ قرارات خاطئة، والعجز عن حل المشكلات، وسهولة التأثر بالإشاعات والمحتوى الهابط، بينما يُسهم على المستوى المجتمعي في انتشار الجهل، والتعصب، والانقسامات، وتزايد المشكلات الأخلاقية والسلوكية، فضلًا عن ضعف المشاركة المجتمعية، والإضرار بالبيئة والموارد العامة.
وفي ظل الواقع الراهن، الذي تمر فيه البلاد بمرحلة مفصلية فارقة، نتيجة لتشابك الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتفاقم آثارها على حياة المواطنين اليومية، يبرز بوضوح أثر نقص الوعي العام، سواء على الصعيد الفردي أو المجتمعي. ويمكن تلمّس ذلك من خلال الشواهد التي سبقت الإشارة إليها.
وأمام هذا الواقع المعقد، تبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز الوعي، بوصفه ركيزة أساسية لمواجهة التحديات، وتحقيق الاستقرار، والدفع باتجاه التغيير الإيجابي وتطبيع الحياة العامة. إذ يمكن للوعي أن يسهم بفاعلية في صناعة القرار السياسي، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويُعد أساسًا للتقدم الشخصي والاجتماعي، فكلما ارتفع مستوى وعي الفرد، زادت قدرته على الإسهام الإيجابي في حياته ومجتمعه.
ختامًا، فإن الوعي الذي أعنيه على المدى القصير هو بالحد الأدنى الممكن من الوعي في ظل هذا الواقع المعقد. فغياب الوعي لا يمثل مشكلة فردية فحسب، بل هو تحدٍ مجتمعي يستوجب تضافر الجهود من مؤسسات التربية والتعليم والإعلام، لنشر الثقافة والمعرفة، وتعزيز الوعي العام، بما ينعكس إيجابًا على مسيرة المجتمع نحو الاستقرار والتقدم، ويتطلب تعاون وعمل جماعي على المدى الطويل.
18 مايو 2025م